وَآخر الْمعاصِي عِقَاب فَلَا يخدعنك ضِيَاء ضباب وَلَا يطعمنك شراب سراب فمجيء الدُّنْيَا على الْحَقِيقَة ذهَاب وَعمارَة الفاني إِن فهمت خراب وَفَرح الْغرُور ثبور واكتئاب ودنو الشيب ينْسَخ ضِيَاء الشَّبَاب وَكلما نَادَى الأمل {أبلغه مأمنه} صَاح الْأَجَل {فَضرب الرّقاب} يَا تايها فِي ظلمَة ظلمه
يَا موغلا فِي مفازة تيهه يَا باحثا عَن مدية حتفه يَا حافرا زبية هلكه يَا معمقا مهواة مصرعه بئس مَا اخْتَرْت لأحب الْأَنْفس إِلَيْك وَيحك تطلب الجادة وَلست على الطَّرِيق كم فغر الزَّمَان بوعظه فَمَا سَمِعت {لينذر من كَانَ حَيا} كَيفَ تطيب الدُّنْيَا لمن لَا يَأْمَن الْمَوْت سَاعَة وَلَا يتم لَهُ سرُور يَوْم إِذا كَانَ عمرك فِي إدبار وَالْمَوْت فِي إقبال فَمَا أسْرع الْمُلْتَقى لقد نصبت لَك اشراك الْهَلَاك والأنفاس أدق الحبائل يَا مَاشِيا فِي ظلمَة ليل الْهوى لَو استضئت بمصباح الْفِكر فَمَا تأمن من بِئْر بوار الشَّهَوَات مبثوثة فِي طَرِيق الْمُتَّقِينَ وَمَا يسلم من شَرها شَره الْأَوْلِيَاء فِي حرم التَّقْوَى {وَيُتَخَطَّف النَّاس من حَولهمْ} الدُّنْيَا مثل مَنَام والعيش فِيهَا كالأحلام قيل لنوح عَلَيْهِ السَّلَام يَا أطول النَّبِيين عمرا كَيفَ وجدت الدُّنْيَا قَالَ كدار ذَات بَابَيْنِ دخلت من بَاب وَخرجت من بَاب
(فَلَمَّا تفرقنا كَأَنِّي ومالكا ... لطول اجْتِمَاع لم نبت لَيْلَة مَعًا)
يَا ثقيل النّوم أما تنبهك المزعجات الْجنَّة فَوْقك تزخرف وَالنَّار تَحْتك توقد والقبر إِلَى جَانِبك يحْفر وَرُبمَا يكون الْكَفَن قد غزل أيقظان أَنْت الْيَوْم أم أَنْت حالم يَا حَاضرا يرى التائبين وَهُوَ فِي عداد الغائبين
(وَاقِف فِي المَاء عطشان ... وَلَكِن لَيْسَ يسْقِي)
عَاتب نَفسك على هَواهَا فقد وهاها قل لَهَا ادراجي درج المدرج وَقد لاحت مني لَا يوقفنك فِي الطَّرِيق طَاقَة من أم غيلَان فالخبط