فِي أَسْدَاس هَل تَجِد لماضي الْعُمر لَذَّة وَالْبَاقِي على الْقيَاس مَاذَا التهول فِي الْبَوَار وجر الأذيال فِي الخسار كَأَنَّك لم تسمع بجنة وَلَا نَار لهيب حرصك مَا يطفي وَشر شرهك مَا يخفى أَتَرَى هَذَا على مَاذَا أَلَيْسَ لما إِذا قيل آذَى
أَنْت فِي طلب الدُّنْيَا أحير من صب تبيت فِي عَشِقَهَا أسهر من صب أَيْن مَا حلا فِي الْفَم وحلى فِي الْعين ذهب الْكل وَأَنت تَدْرِي إِلَى أَيْن مَا أصعب السباحة فِي غَدِير التمساح مَا أشق السّير فِي الأَرْض المسبعة إِن المفروح بِهِ هُوَ المحزون عَلَيْهِ غير أَن عين الْهوى عميا طاير الطَّبْع يرى الْحبَّة لَا الشّرك ضيعت سهادك بسعادك رمتك إِلَى الْهِنْد هِنْد صيرت نهارك لَيْلًا ليلى وَيحك ربات الظُّلم ظلم كم أراق الْهوى دَمًا فِي دمن وَيحك دع سلمى وسل مَا ينفعك دعة لمثلك ترك دعد للنوى وسعادة لَك هِجْرَة لسعاد قطع الطمع من خضر الدُّنْيَا بمُوسَى الياس تجمع للقلب عزم الْخضر ومُوسَى والياس
يَا معشر الْفُقَرَاء الصَّادِقين قد لبستم حلَّة الْفقر فتجملوا بحلية الكتمان اصْبِرُوا على عَطش الزّهْد وَلَا تشْربُوا من مشربَة من فالحرة تجوع وَلَا تَأْكُل بثدييها لَا تسألوا سوى مولاكم فسؤال العَبْد غير سَيّده تشنيع عَلَيْهِ إِن الْفَقِير ترك الدُّنْيَا إنفة رَآهَا قَاطعا فقاطع جَازَ على جيفة مستحيلة فسد منخر الظّرْف وأسرع الْأنف الأشم لَا يشم رذيلة بَينا هُوَ فِي قطع فيافي القناعة وَقع بكنز مَا وجده الْإِسْكَنْدَر فقلبه أغْنى من قَارون وبيته أفرغ من فؤاد أم مُوسَى كَانَ ابراهيم ابْن أدهم يُعْطي عَطاء الْأَغْنِيَاء وَهُوَ فَقير ويستدين عَلَيْهِ ثمَّ يُؤثر بِهِ للشريف الرضى
(وهم ينفذون المَال فِي أول الْغنى ... ويستأنفون الصَّبْر فِي آخر الصَّبْر)