أخواني تَفَكَّرُوا فِي مصَارِع الَّذين سبقوا وتدبروا مصيرهم أَيْن انْطَلقُوا وَاعْلَمُوا أَن الْقَوْم انقسموا وافترقوا قوم مِنْهُم سعدوا وَمِنْهُم قوم شَقوا
(والمرء مثل هِلَال عِنْد طلعته ... يَبْدُو ضئيلا لطيفا ثمَّ يتسق)
(يزْدَاد حَتَّى إِذا مَا تمّ أعقبه ... كرّ الجديدين نقصا ثمَّ ينمحق)
(كَانَ الشَّبَاب رِدَاء قد بهجت بِهِ ... فقد تطاير مِنْهُ للبلى خرق)
(وَبَات منشمرا يَحْدُو المشيب بِهِ ... كالليل ينْهض فِي اعجازه الفلق)
(عجبت والدهر لَا تفنى عجائبه ... للراكنين إِلَى الدُّنْيَا وَقد صدقُوا)
(وَطَالَ مَا نغصوا بالفجع ضاحية ... وَطَالَ بالفجع بالفجع والتنغيص مَا طرقوا)
(دَار تغر بهَا الآمال مهلكة ... وَذُو التجارب فِيهَا خَائِف فرق)
(يَا للرِّجَال لمخدوع بزخرفها ... بعد الْبَيَان ومغرور بهَا يَثِق)
(أَقُول وَالنَّفس تَدعُونِي لباطلها ... أَيْن الْمُلُوك مُلُوك النَّاس والسوق)
(أَيْن الَّذين إِلَى لذاتها ركنوا ... قد كَانَ فِيهَا لَهُم عَيْش ومرتفق)
(أمست مساكنهم قفرا معطلة ... كَأَنَّهُمْ لم يَكُونُوا قبلهَا خلقُوا)
(يَا أهل لذات دَار لَا بَقَاء لَهَا ... إِن اغْتِرَارًا بِظِل زايل حمق)
أَيْن من كَانَ فِي سرُور وغبطة أَيْن من بسط الْيَد فِي بسيط البسطة لقد أوقعهم الْمَوْت فِي أصعب خطة جسروا على الْمعاصِي فَانْقَلَبت على الْجِيم النقطة بيناهم فِي الْخَطَأ خطا إِلَيْهِم صَاحب الشرطة هَذَا دأب الزَّمَان فَإِن صفا فغلطة كم تخون الْمَوْت منا اخوانا وَكم قرن فِي الأجداث اقرانا كم مترف أبدله الْمَوْت ديدانا وَهَذَا أَمر إِلَيْنَا قد تدانى كم معد عودا لعيده صَارَت ثِيَابه أكفانا وَمَا شاهدنا