بإضرابه أَلا ينتبه الغافل بأوصابه أيسلم والرامي تَحت ثِيَابه يَا مَرِيضا أتعب الْأَطِبَّاء مَا بِهِ كَأَنَّك بالدنيا الَّتِي تَقول مرْحَبًا قد حلت الحبى وَتَفَرَّقَتْ تفرق أَيدي سبا
وَيحك أَخُوك من عذلك لَا من عذرك صديقك من صدقك لَا من صدقك وَيحك من يطربك يُطْغِيك وَمَا لَا يَعْنِيك يَعْنِيك تتوب صباحا فَإِذا أمسيت تحول وتعول وَتقول غير أَنَّك تنقض مَا تَقول وتتلون دَائِما كَمَا تتلون الغول
يَا عبد الْهوى إِن دَعَا أمنت وَإِن ادّعى آمَنت كم قَالَ لَك الْهوى وَسمعت أَنا مكار وتبعت وَالله لقد افتك أَضْعَاف مَا أفدتك وَلَقَد أعذر من أنذر وَمَا قصر من بصر لما رأى المتيقظون سطوة الدُّنْيَا بِأَهْلِهَا وخداع الأمل لأربابها لجأوا إِلَى حصن الزّهْد كَمَا يأوي الصَّيْد المذعور إِلَى الْحرم لَاحَ لَهُم حب المشتهي فَلَمَّا مدوا إِلَيْهِ أَيدي التَّنَاوُل بَان لأبصار البصائر خيط الفخ فطاروا بأجنحة الحذر وصوتوا إِلَى الرعيل الثَّانِي {يَا لَيْت قومِي يعلمُونَ} جمعُوا الرحل قبل الرحيل وشمروا فِي سَوَاء السَّبِيل فَالنَّاس فِي الغفلات وهم فِي قطع الفلاة {تِلْكَ أمة قد خلت} لَو رَأَيْت مطايا أجسامهم وَقد إِذا بهَا السرى فَهِيَ تحن مِمَّا تجن فتبكي الْحداد
للْمُصَنف
(حنت فاذكت لوعتي حنينا ... اشكو من الْبَين وتشكو البينا)
(قد عاث فِي أشخاصها طول السرى ... بِقدر مَا عاث الْفِرَاق فِينَا)
(فخلها تمشي الهوينا طَال مَا ... أضحت تباري الرّيح فِي البرينا)
(وَكَيف لَا نأوي لَهَا وَهِي الَّتِي ... بهَا قَطعنَا السهل والحزونا)
(إِن كن لم يفصحن بالشكوى لنا ... فهن بالأرزام يشتكينا)
(قد اقرحت بِمَا تحن كَبِدِي ... إِن الحزين يسْعد الحزينا)
(وَقد تياسرت بِهن جائرا ... عَن الْحمى فاعدل بهَا يَمِينا)