أخواني الدُّنْيَا دَار الْآفَات الْإِثْم بقى والإلتذاذ فَاتَ بَينا نرى فِيهَا الْغُصْن خضرًا متمايلا أصبح ذابلا ذابلي
(يَا أيهذا الَّذِي قد غره الأمل ... وَدون مَا يأمل التنغيص وَالْأَجَل)
(أَلا ترى إِنَّمَا الدُّنْيَا وَزينتهَا ... كمنزل الركب حلوا ثمت ارتحلوا)
(حتوفها رصد وعيشها نكد ... وصفوها كدر وملكها دوَل)
(تظل تفزع بالروعات ساكنها ... فَمَا يسوغ لَهُ عَيْش وَلَا جذل)
(كَأَنَّهُ للمنايا والردى غَرَض ... تظل فِيهِ سِهَام الدَّهْر تنتضل)
(وَالنَّفس هاربة وَالْمَوْت يتبعهَا ... وكل عَثْرَة رجل عِنْدهَا جلل)
(والمرء يسْعَى بِمَا يسْعَى لوَارِثه ... والقبر وَارِث مَا يسْعَى لَهُ الرجل)
أخواني ألبسوا للدنيا جنَّة الهجر واسمعوا فِيهَا من مواعظ لزجر واحسبوها يَوْمًا صمتموه لِلْأجرِ وَصَابِرُوا ليل البلى فَمَا أسْرع إتْيَان الْفجْر فَلَا تَبِيعُوا الْيَقِين بِالظَّنِّ فَحَرَام بيع المجر
لقد أَبْصرت عُيُون الفطن فِي نَهَار المشيب سبل الرحيل وَسمعت آذان الْفِكر بقعقعة الصلب الصلب أَذَان التخويل لله در أَقوام بَادرُوا أيامهم وحاذروا آثامهم جعلُوا الصَّوْم طعامهم والصمت كَلَامهم فالأبدان بَين أهل الدُّنْيَا تسْعَى والقلوب فِي رياض الملكوت ترعى قَامُوا لخوف الْقِيَامَة بالأوامر ووقفوا أنفسهم على الْخَيْر مَا توقفوا كالموامر هجروا بالصيام لذيذ الْهوى فِي الهواجر وَصمت اللِّسَان كَأَنَّهُ مَقْطُوع فِي الْحَنَاجِر بالخناجر وَجرى الدمع