لمشاهدة وَجه الْقُدْرَة وَقد حَال بَينهمَا سفر الْعَادَات إِلَى أَن لفظ بِلَفْظ {إِنِّي} وهتف بِهِ هَاتِف {هُوَ عَليّ هَين} فَسَأَلَ علما على مَا يعلم بِهِ وجود الْحمل لحمل نَفسه على الشُّكْر فوعد بسجن اللِّسَان مَعَ سَلامَة اللِّسَان إِلَّا عَن ذكر الرَّحْمَن ليَكُون حج نطقه مُفردا
فَلَمَّا ولد لَهُ يحيى لم يبلغ مبلغ يافع إِلَّا وَهُوَ ولد نَافِع كَانَ صبا الصِّبَا تميل بالصبيان وَلَا تهزه فَإِذا قَالُوا لَهُ هَلُمَّ بِنَا فلنلعب قَالَ إِنَّمَا خلقنَا للتعب لَا للعب فَقَط لَهُ الْقدر قطا من عِصَام الْعِصْمَة مَا قطّ لأحد فَمَا خطا إِلَى خطأ وَلَا هم وَلَقَد رمى الدُّنْيَا عَن يَد التَّمَسُّك وَعلا عَن فضولها على قلل التقلل فَكَانَ عَيْش عيشه العشب واقتنع بمسوك الْحَيَوَان عَن السب والشف والمشبرق وشغله عَن رقش نقش القشيب والدمقس مَا لف مِمَّا لفق وَلَقَد دوى فِي دو فُؤَاده غيم الْغم فغدا الغدق يدق إِلَى أَن فاض قليب قلبه فَانْقَلَبت عَيناهُ بقلب كالعيون حَتَّى فرت فحفرت فِي أخدُود الخدود مجْرى وَلم يزل معول دمعه يحْفر ركية خَدّه حَتَّى بَدَت فِيهِ أضراس فِيهِ يَا عجبا من بكاء من مَا عصى وَلَا هم وَضحك من كِتَابه بِالذنُوبِ قد إدلهم فَلَمَّا قَارب الْوَفَاة وَفَاتَ الْعَدو علم من آفَات النَّقْل فِي المواطن الْمَخْصُوصَة بوحش الوحشة فتخلص فِيهَا من أَسد الْبلَاء كَمَا حمى من ذَنْب الذَّنب {يَوْم ولد وَيَوْم يَمُوت وَيَوْم يبْعَث حَيا}