هذا المبحث من المباحث المهمة؛ إذ به يعرف تنزلات «القرآن الكريم» ومتى نزل وكيف نزل وعلى من نزل وكيف كان يتلقاه جبريل- عليه السلام- من الله تبارك وتعالى وعلى أي حال كان يتلقّاه الرسول- صلوات الله وسلامه عليه- من جبريل ولا شك أن العلم بذلك يتوقف عليه كمال الإيمان بأن القرآن من عند الله وأنه المعجزة العظمى للنبي، كما أن كثيرا من المباحث التي تذكر في هذا الفن يتوقف على العلم بنزوله، فهو كالأصل بالنسبة لغيره، والعلم بالأصل مقدم على العلم بالفرع، فأقول- ومن الله أستمد العون والتوفيق:
النزول لغة يطلق ويراد: «الحلول» يقال نزل فلان بالمدينة: حلّ بها، وبالقوم: حلّ بينهم، والمتعدي منه معناه: الإحلال، يقال: أنزلته بين القوم، أي أحللته بينهم (?)، ومنه قوله تعالى: رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ [سورة المؤمنون: 29].
ويطلق أيضا: على تحرك الشيء من علوّ إلى سفل، يقال: نزل فلان من الجبل، والمتعدي منه معناه: التحريك من علو إلى سفل، ومنه قوله تعالى: أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً ... الآية [سورة الرعد: 17].
وكلا المعنيين اللغويين لا يليقان بنزول القرآن على وجه الحقيقة، لاقتضائهما الجسمية والمكانية والانتقال، سواء أردنا بالقرآن: المعنى