الأحبار والرهبان والقسس، وبعضها كالصحف ضاع بمرور الزمن، ولم يبق له وجود.
والسر في أن الله سبحانه وتعالى كلف الأمة المحمدية بحفظ القرآن العظيم، ولم يكلف الأمم السابقة بحفظ كتبها، وصحفها- أن هذه الكتب لم تكن معجزة بألفاظها ولم يشأ الله ذلك لحكمة يعلمها، بخلاف القرآن الكريم، فقد شاء الله سبحانه- وله الحكمة البالغة- أن يكون معجزا بلفظه فضلا عن معانيه، فكان من الضروري المحافظة على النص بالطريق المفيدة للقطع واليقين، وليس ذلك إلا بأن يحفظه العدد الكثير في كل جيل وعصر، الذين لا يجوز عليهم الكذب، ولا الغلط، ولا السهو، وهو ما يعرف في علم الرواية بالتواتر وقد وفر الله له من الدواعي إلى حفظه ما لم يتوفر لغيره من الكتب السماوية، بله (?) الأرضية وأيضا من الحكم أن القرآن هو الأصل الأصيل للدين العام الخالد الباقي ما بقي إنسان على وجه هذه الأرض، وهو الإسلام، فكان لا بد من المحافظة على كتابه، ليخلد خلود هذا الدين الذي يعتبر القرآن أصلا له.
بخلاف التوراة والإنجيل، فقد كانتا كتبا لدينين يمثلان طورين خاصين محدودين بحدود الزمان والمكان، من الأطوار التي مرت بها الأديان السماوية حتى وصلت إلى الاكتمال، في دين الإسلام قال صلى الله عليه وسلم: «وكان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة» رواه البخاري ومسلم.
1 - ما رواه الإمام مسلم في صحيحه بسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن ربي قال لي: قم في قريش فأنذرهم، قلت: أي: ربي إذن يثلغوا رأسي، حتى يدعوه خبزة» (?) فقال: «إني مبتليك، ومبتل بك، ومنزل عليك كتابا لا يغسله الماء،