منهما زوج، الذكر زوج، والأنثى زوج.

قالوا: فهذه تدل على تصرف النساخ في المصحف، واختيارهم ما شاءوا في كتابة القرآن.

والجواب:

إن هذه الرواية- على تسليم صحتها- لا تدل على ما زعموا وإنما هي بيان وتوجيه لما كتبه وقرأه، وثبت عنده سماعا من النبي صلى الله عليه وسلم لا تصرفا من تلقاء نفسه، وقد فهم المستشكل أن الزوج لا يطلق إلا على الاثنين المتزاوجين فبين له سيدنا زيد رضي الله تعالى عنه وأرضاه أن الزوج كما يطلق على الاثنين المتزاوجين يطلق على كل واحد منهما أنه زوج، واستدل له بالقرآن الكريم الذي هو الحجة البالغة، وقد اقتنع السائل وسكت، والصحابة الذين كتبوا القرآن، والذين حملوه، وبلغوه لمن بعدهم كانوا الغاية في الضبط، والتثبت والأمانة الفائقة، وفي الذروة منهم زيد بن ثابت، الذي كان كاتب الوحي بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم، والذي حمل العبء الأكبر في جمع القرآن في عهد الصديق، وعهد عثمان رضي الله تعالى عنهما.

«رد عام»:

وهنا رد عام، يرد به على كل ما سبق من شبه، وهو أن العمدة في القرآن وحفظه هو التلقي، والسماع من النبي صلى الله عليه وسلم، أو ممن سمع منه أو سمع ممن سمع منه، وهكذا حتى وصل إلينا القرآن غضا كما أنزل ولم يكن يؤخذ القرآن من الصحف، أو المصاحف المكتوبة وإنما كان القصد من المكتوب معاضدة المحفوظ، والرجوع إليه عند الاختلاف في القراءة، أو الرسم، وأن الذين عزيت إليهم هذه الروايات، ولا سيما ابن عباس وتلامذته، قد قرءوا بالقراءات الثابتة المتواترة على خلاف ما نقل عنهم من الطعن فيها مما يدل على بطلان هذه الطعون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015