ثم كتب في عهد الصديق رضي الله عنه في صحف مجموعة، وكانت كتابته من عين ما كتب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، ثم كتب في عهد عثمان رضي الله عنه في المصاحف على ما هو عليه، وكانت كتابته من عين ما كتب في عهد الصديق رضي الله تعالى عنه؛ إلا أنه اقتصر في رسمه على ما يوافق حرف قريش، وقد بينا آنفا في مبحث جمع القرآن الأطوار التي مرت بها كتابة القرآن وتدوينه، ولعلك على ذكر منها.
لقد كان لكتابة القرآن بين يدي النبي كتاب من الصحابة معروفون بالدين الكامل والأمانة الفائقة والعقل الراجح، والتثبت البالغ، كما كانوا معروفين بالحذق في الهجاء والكتابة، وقد اشتهر منهم بكتابته (1) أبو بكر، (2) وعمر، (3) وعثمان، (4) وعلي، (5) وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وهو أول من كتب له بمكة، (6) والزبير بن
العوام، (7) ومعاوية، (8)، وخالد، (9) وأبان ابنا سعيد بن العاص بن أمية، (10) وأبي بن كعب، وهو أول من كتب له بالمدينة، (11) وزيد بن ثابت، وهو أكثرهم كتابة بالمدينة، (12)، وشرحبيل بن حسنة، (13) وعبد الله ابن رواحة (14) وعمرو بن العاص، (15) وخالد بن الوليد، (16) والأرقم ابن أبي الأرقم المخزومي، (17) وثابت بن قيس، (18) وعبد الله بن الأرقم الزهري، (19) وحنظلة بن الربيع الأسدي، (20) ومعيقيب بن أبي فاطمة في آخرين (?)، وقد كان هؤلاء يكتبون ما يمليه عليهم الرسول، ويرشدهم إلى كتابته من غير أن يزيدوا فيه حرفا، أو ينقصوا منه حرفا، فقد روى أحمد، وأصحاب السنن الثلاثة، وصححه ابن حبان والحاكم حديث عبد الله بن عباس عن عثمان قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان ينزل عليه من السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء يدعو بعض من