وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ [المؤمنون: 91] الآية، وفي سورة النمل: أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60) إلى قوله قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [النمل: 60 - 64]، وقوله تعالى في سورة الروم: وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20) إلى قوله: وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ (26) [الروم: 20 - 26].
واقرأ إن شئت في التدليل على إمكان البعث في سورة «يس» المكية وَضَرَبَ لَنا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) [يس: 79 - 83] إلى آخر السورة، وقوله تعالى في سورة الأحقاف المكية: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (33) [الأحقاف: 33].
وكذلك يعرض القرآن في السور المكية لإثبات الرسالة بالمنطق السليم والحجج الدامغة، فيقول في جواب المشركين لما قالوا: وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ [الفرقان:
20]، ولما قالوا: هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ [الأنبياء: 7] قال في جوابهم:
وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (7) [الأنبياء: 7].
ولو تتبعنا الأدلة والبراهين التي زخر بها القسم المكي لطال المقام، وبحسبنا هذا المقدار.
أما ما ذكره الطاعن من سورة «قل يا أيها الكافرون» فلا يصلح أن يكون دليلا، لأن السورة لم تسق مساق الدليل وإنما سيقت للرد على كفار قريش لما رغبوا إلى النبي أن يعبد آلهتهم سنة ويعبدوا إلهه سنة، فأنزل الله على نبيه هذه السورة تأييسا لهم وقطعا لأطماعهم، ولبيان أنهم قوم مخادعون، ولن تكون منهم عبادة لله الواحد القهار، وقد جاءت السورة على هذا النسق