الوعيد ردعا لأبي لهب وزوجته وأمثالهما ممن يناهضون رسالات الرسل ويسعون في الأرض بالفساد ولا أدري في أي عرف أو ذوق يعتبر إنذار مثل هذا المعوق عن الخير والحق أمرا خارجا عن المألوف وسبابا وشدة وماذا كان ينتظر هذا الطاعن في الرد على أبي لهب وزوجته أكان ينتظر من منزل القرآن الحكيم أن يظهر له الرضا على مقالته ويقول له: بخ بخ فيزداد بطرا وأشرا!
وأما سورة «والعصر» فليس فيها ما يشتم منه السباب، وليس فيها عنف ولا شدة وكل ما عرضت له السورة أن الناس قسمان:
1 - قسم ناج من الخسران والعذاب فائز برضوان الله، وهم الذين جمعوا عناصر السعادة الأربعة؛ وهي الإيمان بالله، والعمل الصالح، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر.
2 - قسم غارق في الخسران، مآله إلى الهلاك والعذاب، وهم الذين لا يقرون بإله ولا يدينون بشريعة ولا يعملون صالحا: فهم جراثيم شرور، ولا يتواصون بحق؛ فالحق بينهم مضيع، ولا يتواصون بصبر؛ فهم في هلع وجزع، ومما لا يقضى منه العجب أن يستشهد هذا الناقد بهذه السورة التي أقر بكفايتها وغنائها الأئمة في القديم والحديث؛ قال الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده- رحمه الله-: ثم تراها لم تدع شيئا إلا أحرزته في عباراتها الموجزة، حتى قال الإمام الشافعي- رحمه الله-: لو تدبر الناس هذه
السورة لوسعتهم! أو قال: لو لم ينزل الله من القرءان سواها كلفت الناس ولجلالة ما جمعت روي أنه كان الرجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ التقيا لم يفترقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر سورة «والعصر» ثم يسلم أحدهما على الآخر؛ ذلك ليذكّر كل منهما صاحبه بما يجب أن يكون عليه فإذا رأى منه شيئا ينبغي أن ينبه إليه فعليه أن يذكره له (?).
وأما قوله تعالى في سورة الفجر: فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ (13) إِنَ