يريان الجمع بين الروايتين بالترجيح كما بينا، ويريان الجمع بينهما بتكرر النزول.
ومما ذكر من هذا القبيل سورة «الإخلاص» فقد روي أنها نزلت جوابا للمشركين، وروي أنها نزلت جوابا لأهل الكتاب بالمدينة، فحمل على تكرر النزول.
ومن ذلك سورة «الفاتحة» فقد ذكروا أنها نزلت مرتين، مرة بمكة ومرة بالمدينة.
وقد أنكر بعض العلماء كون شيء من القرآن تكرر نزوله، وعلله بأن تحصيل ما هو حاصل لا فائدة فيه، وهو مردود بما ذكرنا من الفوائد والحكم (?).
قد يكون في إحدى القصتين: فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، فيغلط الراوي فيقول: فنزل كذا، فيظن أن ذلك سبب للنزول وليس كذلك، فينبغي التنبه لذلك، وتحرير لفظ الرواية، وبذلك يسهل علينا الوصول إلى الحق والصواب في أسباب النزول.
مثاله: ما أخرجه الترمذي وصححه، عن ابن عباس قال: «مر يهودي بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال: كيف تقول يا «أبا القاسم» إذا وضع الله السموات على ذه، والأرضين على ذه، والماء على ذه، والجبال على ذه، وسائر الخلق على ذه، فأنزل الله: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ [الزمر: 67] وقد وهم الراوي في قوله: «فأنزل» والحديث ورد في الصحيح بلفظ: «فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم» وهو الصواب، ومما يؤيد هذا أن الآية مكية لا مدنية.
ومن أمثلته: ما أخرجه البخاري، عن أنس قال: «سمع عبد الله ابن