عرفنا أن صاحب الفضل هو سيدنا «صهيب بن سنان» الرومي- رضي الله عنه (?) - وكذا إذا عرفنا سبب نزول قوله تعالى: وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ ... [الأحزاب: 37] الآية، علمنا أن المنعم عليه هو سيدنا «زيد بن حارثة» - رضي الله عنه- والآية وإن جاء فيها فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً ولكنها لم تبين من هو زيد هذا فبين سبب النزول أنه زيد بن حارثة.
معرفة أن سبب النزول غير خارج من حكم الآية فيما إذا كان لفظ الآية عامّا، وورد مخصص لها؛ فبمعرفة السبب يكون التخصيص قاصرا على ما عداه لقيام الإجماع على دخول صورة السبب، ولو لم نعرف السبب لجاز أن يكون مما خرج بالتخصيص، مع أنه لا يجوز.
تخصيص الحكم بالسبب عند من يرى أن العبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ؛ فعند هؤلاء ما لم يعرف السبب لا يمكن معرفة المقصود بالحكم، ولا القياس عليه، وتبقى الآية معطلة خالية من الفائدة.
تثبيت الوحي، وتيسير الحفظ والفهم، وتأكيد الحكم في ذهن من يسمع الآية، إذا عرف سببها؛ وذلك لأن ربط الأسباب بالمسببات، والأحكام بالحوادث، والحوادث بالأشخاص، والأزمنة والأمكنة، كل ذلك من دواعي تقرر الأشياء؛ وانتقاشها في الذهن، وسهولة استذكارها عند تذكر ما يقارنها، وذلك هو فيما يعرف في علم النفس بقانون «تداعي المعاني».