الْمَعْرِفَةِ وَنُورُ الشَّمْسِ وَنُورُ الْقَمَرِ وَنُورُ الْأَبْصَارِ مِنْ نُورِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْتَهَى. وَقَدْ وَرَدَ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرٌ فَمَنْ أَرَادَهُ فَلْيَقِفْ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الشِّفَاءِ لِأَبِي الرَّبِيعِ. وَلِأَجْلِ هَذَا الْمَعْنَى قَالَ آدَم - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا نُقِلَ يَا أَبَا مَعْنَايَ وَيَا ابْنَ صُورَتِي.

وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى وَجَبَتْ لَكَ النُّبُوَّةُ قَالَ وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ» انْتَهَى. فَلَئِنْ كَانَ شَهْرُ رَمَضَانَ اُخْتُصَّ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ وَعَظِيمِ قَدْرِهَا الْمَشْهُورِ الْمَعْرُوفِ، وَأَنَّ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ عَلَى الرَّاجِحِ، وَأَنَّ قِيَامَهَا يَعْدِلُ عِبَادَةَ أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ فِي أَشَقِّ الْعِبَادَاتِ، وَهُوَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى. فَعِلْمُ ذَلِكَ كُلِّهِ حَصَلَ لَنَا بِإِخْبَارِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَفَضِيلَةُ الْأَوْقَاتِ تَلَقَّيْنَاهَا مِنْهُ وَعَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -

وَشَهْرُ رَبِيعٍ وَيَوْمُ الِاثْنَيْنِ وَلَيْلَتُهُ عَلِمْنَا فَضْلَ ذَلِكَ كُلِّهِ بِظُهُورِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِيهَا فَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُطْبُ دَائِرَةِ الْكَوْنِ وَاَلَّذِي خُلِقَ الْوُجُودُ لِأَجْلِهِ وَاَلَّذِي فُضِّلَتْ الْأَوْقَاتُ بِبَرَكَتِهِ وَاَلَّذِي خُصَّتْ أُمَّتُهُ بِلَيْلَةِ الْقَدْرِ مِنْ أَجْلِهِ وَاَلَّذِي يُؤَيِّدُ مَا نَحْنُ بِسَبِيلِهِ مَا وَرَدَ مِنْ مُنَاظَرَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِعَبْدِ اللَّهِ بْن عَيَّاشٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَيْثُ يَقُولُ لَهُ أَأَنْت الْقَائِلُ مَكَّةُ خَيْرٌ مِنْ الْمَدِينَةِ فَقَالَ لَهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هِيَ حَرَمُ اللَّهِ وَأَمْنُهُ وَفِيهَا بَيْتُهُ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا أَقُولُ فِي حَرَمِ اللَّهِ وَلَا فِي بَيْتِهِ شَيْئًا أَأَنْت الْقَائِلُ إلَى آخِرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. وَمِنْ الْمُنْتَقَى قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِذَلِكَ لَضَرَبَهُ يُرِيدُ لِأَدَبِهِ عَلَى تَفْضِيلِ مَكَّةَ عَلَى الْمَدِينَةِ لِاعْتِقَادِهِ تَفْضِيلَ الْمَدِينَةِ عَلَى مَكَّةَ، أَوْ هُوَ يَرَى تَرْكَ الْأَخْذِ فِي تَفْضِيلِ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى إلَّا أَنَّ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ أَظْهَرُ لِمَا شُهِرَ مِنْ أَخْذِ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ دُونَ نَكِيرٍ.

فَهَذَا تَصْرِيحٌ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَنَّ الْمَدِينَةَ أَفْضَلُ مِنْ مَكَّةَ. وَمِنْ كِتَابِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015