هَذَا النُّورَ فِي مُقَدَّمِي كَيْ تَسْتَقْبِلَنِي الْمَلَائِكَةُ وَلَا تَسْتَدْبِرَنِي فَجَعَلَ ذَلِكَ النُّورَ فِي جَبْهَتِهِ فَكَانَ يُرَى فِي غُرَّةِ آدَمَ دَائِرَةٌ كَدَائِرَةِ الشَّمْسِ فِي دَوَرَانِ فَلَكِهَا أَوْ كَالْبَدْرِ فِي تَمَامِهِ وَكَانَتْ الْمَلَائِكَةُ تَقِفُ أَمَامَهُ صُفُوفًا يَنْظُرُونَ إلَى ذَلِكَ النُّورِ وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّنَا اسْتِحْسَانًا لِمَا يَرَوْنَ.

ثُمَّ إنَّ آدَمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ يَا رَبِّ اجْعَلْ هَذَا النُّورَ فِي مَوْضِعٍ أَرَاهُ فَجَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ النُّورَ فِي سَبَّابَتِهِ فَكَانَ آدَم يَنْظُرُ إلَى ذَلِكَ النُّورِ. ثُمَّ إنَّ آدَمَ قَالَ يَا رَبِّ هَلْ بَقِيَ مِنْ هَذَا النُّورِ شَيْءٌ فِي ظَهْرِي. فَقَالَ نَعَمْ بَقِيَ نُورُ أَصْحَابِهِ. فَقَالَ أَيْ رَبِّ اجْعَلْهُ فِي بَقِيَّةِ أَصَابِعِي فَجَعَلَ نُورَ أَبِي بَكْرٍ فِي الْوُسْطَى وَنُورَ عُمَرَ فِي الْبِنْصِرِ وَنُورَ عُثْمَانَ فِي الْخِنْصَرِ وَنُورَ عَلِيٍّ فِي الْإِبْهَامِ فَكَانَتْ تِلْكَ الْأَنْوَارُ تَتَلَأْلَأُ فِي أَصَابِعِ آدَمَ مَا دَامَ فِي الْجَنَّةِ. فَلَمَّا صَارَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ انْتَقَلَتْ الْأَنْوَارُ مِنْ أَصَابِعِهِ إلَى ظَهْرِهِ انْتَهَى. وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ نُورُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَقْبَلَ ذَلِكَ النُّورُ يَتَرَدَّدُ وَيَسْجُدُ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَسَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَرْبَعَةِ أَجْزَاءٍ. فَخَلَقَ مِنْ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ الْعَرْشَ. وَمِنْ الثَّانِي الْقَلَمَ. وَمِنْ الثَّالِثِ اللَّوْحَ ثُمَّ قَالَ لِلْقَلَمِ اجْرِ وَاكْتُبْ.

فَقَالَ: يَا رَبِّ مَا أَكْتُبُ. قَالَ مَا أَنَا خَالِقُهُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. فَجَرَى الْقَلَمُ عَلَى اللَّوْحِ وَكَتَبَ حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِ. وَأَقْبَلَ الْجُزْءُ الرَّابِعُ يَتَرَدَّدُ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ تَعَالَى وَيَسْجُدُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَسَمَهُ اللَّهُ أَرْبَعَةَ أَجْزَاءٍ فَخَلَقَ مِنْ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ الْعَقْلَ وَمِنْ الثَّانِي الْمَعْرِفَةَ وَأَسْكَنَهَا فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ وَمِنْ الْجُزْءِ الثَّالِثِ نُورَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَنُورَ الْأَبْصَارِ وَالْجُزْءُ الرَّابِعُ جَعَلَهُ اللَّهُ حَوْلَ الْعَرْشِ حَتَّى خَلَقَ آدَمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَأَسْكَنَ ذَلِكَ النُّورَ فِيهِ، فَنُورُ الْعَرْشِ مِنْ نُورِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنُورُ الْقَلَمِ مِنْ نُورِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنُورُ اللَّوْحِ مِنْ نُورِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنُورُ النَّهَارِ مِنْ نُورِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنُورُ الْعَقْلِ مِنْ نُورِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنُورُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015