إلَى امْتِثَالِ أَمْرِ الْمَوْلَى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَعَ بَيَانِ رَسُولِهِ الْمَعْصُومِ فِي الْحَرَكَاتِ وَالسَّكَنَاتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ فَحَيْثُ مَشَى مَشَيْنَا وَحَيْثُ وَقَفَ وَقَفْنَا، وَكَذَلِكَ يَتَعَيَّنُ الرُّجُوعُ إلَى مَا اسْتَنْبَطَهُ الْعُلَمَاءُ وَأَفَادُوهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحَدِيثِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِمَّا لِلْقِيَاسِ فِيهِ مَدْخَلٌ.

اللَّهُمَّ مُنَّ عَلَيْنَا بِذَلِكَ بِكَرَمِك يَا كَرِيمُ وَأَيْضًا فَمَا حَدَثَ بَعْدَ السَّلَفِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونُوا عَلِمُوهُ وَعَلِمُوا أَنَّهُ مُوَافِقٌ لِلشَّرِيعَةِ، وَلَمْ يَعْمَلُوا بِهِ وَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إذْ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ تَنْقِيصُهُمْ وَتَفْضِيلُ مَنْ بَعْدَهُمْ عَلَيْهِمْ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ أَكْمَلُ النَّاسِ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَأَشَدُّهُمْ اتِّبَاعًا.

وَإِمَّا أَنْ يَكُونُوا عَلِمُوهُ وَتَرَكُوا الْعَمَلَ بِهِ لَمْ يَتْرُكُوا إلَّا لِمُوجِبٍ أَوْجَبَ تَرْكَهُ فَكَيْفَ يُمْكِنُ فِعْلُهُ هَذَا مِمَّا لَا يُتَعَقَّلُ. وَإِمَّا أَنْ يَكُونُوا لَمْ يَعْلَمُوهُ فَيَكُونَ مَنْ ادَّعَى عِلْمَهُ بَعْدَهُمْ أَعْلَمَ مِنْهُمْ وَأَفْضَلَ وَأَعْرَفَ بِوُجُوهِ الْبِرِّ وَأَحْرَصَ عَلَيْهَا وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ خَيْرًا لَعَلِمُوهُ وَلَظَهَرَ لَهُمْ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ أَعْقَلُ النَّاسِ وَأَعْلَمُهُمْ. وَقَدْ قَالَ مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عُقُولُ النَّاسِ عَلَى قَدْرِ أَزْمِنَتِهِمْ. وَلِأَجْلِ هَذَا الْمَعْنَى لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ إشْكَالٌ فِي الدِّينِ، وَلَا فِي الِاعْتِقَادَاتِ لِوُفُورِ عُقُولِهِمْ، وَإِنَّمَا حَدَثَتْ الشُّبَهُ بَعْدَهُمْ لَمَّا خَالَطَتْ الْعُجْمَةُ الْأَلْسُنَ فَلِنُقْصَانِ عُقُولِ مَنْ بَعْدَهُمْ عَنْ عُقُولِهِمْ وَقَعَ مَا وَقَعَ.

وَقَوْلُهُ وَاَلَّذِي يُتَوَهَّمُ فِيهِ مِنْ صَلَاةِ الرَّغَائِبِ أَنَّهُ كَذَلِكَ أُمُورٌ نَذْكُرُهَا وَنُبَيِّنُ بِالدَّلِيلِ الْوَاضِحِ كَوْنَهَا سَالِمَةً مِنْ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:

أَحَدُهَا: مَا فِيهَا مِنْ تَكْرَارِ السُّورَةِ وَجَوَابُهُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ الْمَكْرُوهِ الْمُنْكَرِ وَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ تَكْرَارُ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ هِيَ فَإِنْ لَمْ نَسْتَحِبَّهُ نَعُدُّهُ مِنْ الْمَكْرُوهِ الْمُنْكَرِ لِعَدَمِ دَلِيلٍ قَوِيٍّ عَلَى ذَلِكَ، وَمَا وَرَدَ عَنْ بَعْضِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ مِنْ كَرَاهَةِ نَحْوِ ذَلِكَ فَمَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ الَّتِي هِيَ بِمَعْنَى تَرْكِ الْأُولَى، فَإِنَّ الْكَرَاهَةَ قَدْ أُطْلِقَتْ عَلَى مَعَانٍ وَذَلِكَ أَحَدُهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

فَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ وُقُوعِ التَّوَهُّمِ لَيْسَ كَمَا قَالَ بَلْ هِيَ مَسَائِلُ عَدِيدَةٌ صَحِيحَةٌ خَالَفَ فِيهَا نَقْلَ الْعُلَمَاءِ فَبَدَأَ بِتَكْرَارِ السُّورَةِ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ وَاسْتَدَلَّ عَلَى فِعْلِهَا بِمَا وَرَدَ فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015