الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِيهِ فَتْحُ بَابٍ عَظِيمٍ لِاسْتِحْسَانِ الْبِدَعِ وَالزِّيَادَةِ فِي الدِّينِ إذْ أَنَّ كُلَّ مَنْ اسْتَحْسَنَ شَيْئًا يَسْتَنِدُ لِهَذَا الْقَوْلِ فَيُعَلِّلُ مَا اسْتَحْسَنَهُ بِأَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى أَصْلٍ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَلَا وَإِنِّي قَدْ بَلَّغْت مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ وَأَكْثَرَ» عَلَى هَذَا فَالْأَصْلُ الَّذِي يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ وَيُرْجَعُ إلَيْهِ بَيَّنَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - سِيَّمَا فِي الصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ تَوْقِيفِيَّةٌ فَهِيَ مُفْتَقِرَةٌ إلَى بَيَانِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِالْفِعْلِ فَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ، فَإِنَّ التَّمَسُّكَ بِهِ مُتَعَيِّنٌ وَلَا يُطَالَبُ مَنْ تَمَسَّكَ بِهِ بِدَلِيلٍ غَيْرِهِ فَمَنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ صَلَاةً أَوْ شِعَارًا فَهُوَ الَّذِي يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ مَعَ أَنَّ الْحَدِيثَ الَّذِي ذُكِرَ فِيهَا مَعَ ضَعْفِهِ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّ أَحَدًا مِنْ صَدْرِ الْأُمَّةِ فَهِمَ أَنْ يُجْمَعَ لَهَا وَلَا أَنْ تُعْمَلَ فِي الْمَسَاجِدِ وَلَا فِي الْمَوَاضِعِ الْمَشْهُورَةِ وَكَذَلِكَ مَنْ أَتَى بَعْدَهُمْ إلَى الْقَرْنِ الْخَامِسِ وَشَيْءٌ لَمْ يُوجَدْ مِنْ هَؤُلَاءِ فَاطِّرَاحُهُ مُتَعَيِّنٌ.

وَقَدْ بَيَّنَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - جَمِيعَ أَنْوَاعِ الصَّلَاةِ عَلَى اخْتِلَافِهَا وَكَيْفِيَّتَهَا وَوَقَّتَ لِكُلِّ صَلَاةٍ مِنْهَا وَقْتًا مَعْلُومًا لَا يَتَغَيَّرُ كَمَا تَقَدَّمَ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَزِيدَ وَلَا يُنْقِصَ عَلَى مَا قَرَّرَهُ الشَّارِعُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ. وَلَوْ كَانَ الرُّجُوعُ إلَى الْأَصْلِ كَافِيًا كَمَا ذَكَرَهُ هَذَا الْقَائِلُ لَمَا دَعَتْ حَاجَةٌ إلَى بَيَانِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كُلَّ صَلَاةٍ عَلَى حِدَتِهَا وَمَا تَخْتَصُّ بِهِ وَمَا يَنُوبُ الْمَرْءُ فِيهَا، وَأَمَّا مِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى، فَإِنَّ النَّفْسَ مِنْ طَبْعِهَا أَنَّهَا لَا تُرِيدُ الدُّخُولَ تَحْتَ الْأَحْكَامِ.

أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّيْطَانَ عَلَى تَمَرُّدِهِ فِي كُفْرِهِ لَا يُنَازِعُ الرُّبُوبِيَّةَ وَالنَّفْسَ تُنَازِعُهَا فَكُلُّ فِعْلٍ كَانَتْ بِهِ مَأْمُورَةً لَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ إلَّا بِمُجَاهِدَةٍ قَوِيَّةٍ بِخِلَافِ مَا تَبْتَدِعُهُ وَتُحْدِثُهُ مِنْ قِبَلِهَا، فَإِنَّهَا تَنْشَطُ فِيهِ وَتَتَحَمَّلُ الْمَشَقَّةَ وَالْخَطَرَ لِكَوْنِهَا آمِرَةً غَيْرَ مَأْمُورَةٍ، وَإِنْ كَانَ يُدْرِكُهَا فِيهِ التَّعَبُ، فَإِنَّهُ حُلْوٌ عِنْدَهَا بِسَبَبِ أَنَّهَا آمِرَةٌ إذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَيْسَتْ الْعِبَادَةُ بِالْعَادَةِ، وَلَا بِالِاسْتِحْسَانِ، وَلَا بِالِاخْتِيَارِ، وَإِنَّمَا هِيَ رَاجِعَةٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015