فمن كان يهوى أن يُرى مُتصدِّرًا ... ويكره "لا أدري" أصيبَتْ مقاتِلُه
ولا يخفى أن هذا الصنيع -أعني التحرز من الفتيا- هو حال السلف الصالح، والمنقول عنهم في هذا المجال كثير لا يسع المقام نقلُه، فليراجَعْ في مظانه (?).
لم يكن الشيخ (رحمه الله) ممن يأنف من إعلان رجوعه إلى الحق إذا تبين له ولو كان القول الذي رجع عنه قد أذاعه ونشره وانتصر له سنين متطاولة، وهذا نجده جليًّا عند كلام الشيخ (رحمه الله) على الآية رقم (5) من سورة براءة حين تعرض للكلام على القتال في الأشهر الحُرم حيث يقول: "وكنا نرى هذا القول -وهو نسخ تحريم القتال فيها- مكثنا كثيرًا من الزمن ونحن ننصر هذا القول ونقرر أنه الأصوب، ثم ظهر لنا بعد ذلك أن أصوب القولين وأولاهما بالصواب أن تحريم الأشهر الحرم باق لم يُنسخ" ا. هـ.
وقال عند تفسير الآية رقم (34) من السورة نفسها: "وقد ذكرنا بالأمس أن الذي كان يظهر لنا وننصره أن تحريم الأشهر الحُرم قد نُسخ وأن الذي تحققناه بعد ذلك وصرنا نجزم به أنها باقية التحريم إلى الآن ... " ا. هـ.
ومن ذلك عدة مسائل كان يقررها في "شرح مراقي السعود" ثم يخالفها ويتراجع عنها في "أضواء البيان".