قد غلب على الْفُقَهَاء من أَصْحَابنَا وَغَيرهم أَنهم يكتفون فِي الألقاب بِالنِّسْبَةِ إِلَى صناعَة أَو محلّة أَو قَبيلَة أَو قَرْيَة فَيَقُولُونَ مثلا الْخرقِيّ نِسْبَة إِلَى بيع الْخرق
والخلال وَالطَّيَالِسِي
وَالْحَرْبِيّ نِسْبَة إِلَى بَاب حَرْب محلّة فِي بَغْدَاد كالزهري والتميمي وكاليونيني والبعلي والصاغاني والحراني وأمثال ذَلِك فيطلقون تِلْكَ الْأَسْمَاء بِلَا تَعْظِيم وَكَانَت هَذِه عَادَة الْمُتَقَدِّمين ثمَّ جَاءَ من بعدهمْ فَأَكْثرُوا الغلو فِي الألقاب الَّتِي تَقْتَضِي التَّزْكِيَة وَالثنَاء فَقَالُوا علم الدّين ومحيي الدّين ومجدالدين وشهاب الدّين إِلَى غير ذَلِك من الألقاب الضخمة وَعم ذَلِك بِلَاد الْعَرَب والعجم وَلم يرتض هَذَا غَالب الْعلمَاء فقد نقل فِي الْفُرُوع عَن القَاضِي أبي يعلى أَنه قَالَ وَتكره التَّسْمِيَة بِكُل اسْم فِيهِ تفخيم أَو تَعْظِيم وَاحْتج بِهَذَا على معنى التسمي بِالْملكِ لقَوْله لَهُ الْملك وَأجَاب بِأَن الله إِنَّمَا ذكره إِخْبَارًا عَن الْغَيْر وللتعريف فَإِنَّهُ كَانَ مَعْرُوفا عِنْدهم بِهِ وَلِأَن الْملك من أَسمَاء الله المختصة بِخِلَاف حَاكم الْحُكَّام وقاضي