فَالْوَاجِب مَا ذمّ شرعا تَاركه مُطلقًا أَي فِي كل الْأَزْمَان فقولنا مُطلقًا احْتِرَاز من الْوَاجِب الموسع والمخير وَفرض الْكِفَايَة فَإِن التّرْك يلْحقهَا فِي الْجُمْلَة وَهُوَ ترك الموسع فِي بعض أَجزَاء وقته وَترك بعض أَعْيَان الْمُخَير وَترك بعض الْمُكَلّفين لفرض الْكِفَايَة لَكِن ذَلِك لَيْسَ تركا مُطلقًا إِذْ الموسع إِن ترك فِي بعض أَجزَاء وقته فعل فِي الْبَعْض الآخر والمخير إِن ترك بعض أعيانه فعل الْبَعْض الآخر وَفرض الْكِفَايَة إِن تَركه بعض الْمُكَلّفين فعله الْبَعْض الآخر وَكلهمْ فِيهِ كالشخص الْوَاحِد فَلَا يتَعَلَّق بِهَذَا التّرْك ذمّ لِأَنَّهُ لَيْسَ تركا مُطلقًا بِمَعْنى خلو مَحل التَّكْلِيف عَن إِيقَاع الْمُكَلف بِهِ
وَالْوَاجِب مرادف للْفَرض عندنَا على الْأَصَح من أَقْوَال الْأُصُولِيِّينَ
أَن الْوَاجِب الشَّامِل للْفَرض يَنْقَسِم إِلَى معِين وَإِلَى مُبْهَم فِي أَقسَام محصورة
وتلخيص القَوْل فِيهِ أَن الْوَاجِب إِمَّا أَن يكون معينا كَأَن ينذر عتق هَذَا العَبْد الْمعِين أَو عتق سَالم من عبيده فَيكون مُخَاطبا بِعِتْقِهِ على التَّعْيِين وَكَذَا لَو نذر الصَّدَقَة بِمَال بِعَيْنِه كهذه الدَّنَانِير أَو الْإِبِل وَنَحْو ذَلِك وَإِمَّا أَن يكون مُبْهما فِي أَقسَام محصورة كإحدى خِصَال الْكَفَّارَة ككفارة الْيَمين الْمَذْكُورَة فِي قَوْله تَعَالَى {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} الْمَائِدَة 89 وَهَذِه الْمَسْأَلَة تعرف بِمَسْأَلَة الْوَاجِب الْمُخَير
وَأما وَقت الْوُجُوب فإمَّا أَن يكون مُقَدرا بِقدر الْفِعْل بِحَيْثُ ضيق على الْمُكَلف فِيهِ حَتَّى لَا يجد سَعَة يُؤَخر فِيهَا الْفِعْل أَو بعضه ثمَّ يتداركه إِذا بل من ترك شَيْئا مِنْهُ لم يُمكن تَدَارُكه إِلَّا