ومنها كذلك قوله:
ولو كانت الأرزاق تجري على الحجا ... هلكن إذن من جهلهن البهائم1
وقد جاءت بعض أمثلة هذه الظاهرة في شعر المتنبي أيضا. فمن ذلك قوله:
ورمى وما رمتا يداه فصابني ... سهم يعذب والسهام تريح2
وقال كذلك:
نفديك من سيل إذا سئل الندى ... هول إذا اختلطا دم ومسيح3
ويبدو أن هذه الظاهرة، كانت شائعة في عصر الحريري "المتوفى سنة 516هـ" الذي عدها من اللحن4، ورد عليه الشهاب الخفاجي، فقال: "وليس الأمر كما ذكره، فإن هذه لغة قوم من العرب، يجعلون الألف والواو حرفي علامة للتثنية والجمع، والاسم الظاهر فاعلا. وتعرف بين النحاة بلغة: أكلوني البراغيث؛ لأنه مثالها الذي اشتهرت به، وهي لغة طيئ، كما قاله الزمخشري. وقد وقع منها في الآيات، والأحاديث، وكلام الفصحاء ما لا يحصى"5.
وقد بقيت هذه الظاهرة، شائعة في كثير من اللهجات العربية الحديثة، كقولنا مثلا: "ظلموني الناس" و"لاموني العوازل" و"زارونا الجيران" و"تنوصاحي لحد ما رجعوا العيال من بره". وهذا كله امتداد للأصل السامي واللهجات القديمة. والله أعلم.