وعلى هذا الطراز بعد الدقة والتأمل يمكن أن نوزع كثيرًا من تلك القواعد مجموعة تحت قواعد كبرى معينة، أو نظريات معينة.
* * *
وأمهات القواعد خمس، وهي التي يدور عليها معظم أحكام الفقه، وقد نظمها بعضهم في قوله:
خمس محررة قواعد مذهب ... للشافعي بها تكون خبيرًا
ضرر يزال وعادة قد حكمت ... وكذا المشقة تجلب التيسيرا
والشك لا ترفع به متيقنًا ... وخلوص نية إن أردت أجورا
وهذه القاعدة مسوقة لبيان وجوب إزالة الضرر إذا وقع، وأصل هذه القاعدة قوله - صلى الله عليه وسلم -:
" لا ضرر ولا ضرار ".
وهذه القاعدة ينبني عليها كثير من أبواب الفقه: من ذلك: الرد بالعيب، وجميع أنواع الخيارات، من اختلاف الوصف المشروط، والتعزير، وإفلاس المشتري، وغير ذلك، والحجر بأنواعه، والشفعة لأنها شرعت لدفع ضرر القسمة، والقصاص والحدود، والكفارات، وضمان المتلف، والقسمة، ونصب الأئمة، والقضاة، ودفع الصائل، وقتال المشركين، والبغاة، وفسخ النكاح بالعيوب، أو الإعسار، أو غير ذلك.
ويتعلق بهذه القاعدة قواعد:
الأولى: الضرورات تبيح المحظورات، بشرط عدم نقصانها عنها: ومن ثم جاز أكل الميتة عند المخمصة، وإساغة اللقمة بالخمر، والتلفظ بكلمة الكفر للإكراه، وكذا إتلاف المال، وأخذ مال الممتنع من أداء الدين بغير إذنه، ودفع الصائل ولو أدى إلى قتله، ولو عم الحرام قطرًا بحيث لا يوجد فيه حلال إلا نادرًا، فإنه يجوز استعمال ما يحتاج إليه،
ولا يقتصر على الضرورة.