وأما الطعن في إسناد الحديث، أو بسبب علة، أو شذوذ؛ فذلك يمنع من الحكم بصحة الحديث، وكلامنا إنما هو إذا صح الحديث.

والنسخ ليس تركًا، فالنسخ قد يوجد في القرآن، والتخصيص ليس تركًا، بل جمع يينه وبين العام.

وقد تكلم الشافعي في الأحاديث المختلفات، والجمع بينها في كتاب " اختلاف الحديث " أحسن كلام، وكذلك العلماء كلهم.

فهذا ليس هو المراد هنا، وإنما المراد: الترك المطلق، ولم يقع ذلك للشافعي أصلًا، ولا تقتضيه أصوله ".

ثم قال السبكي: " في كلام الشافعي هذه فوائد قد امتاز بها:

إحداها: الفائدة التي قدمناها من جواز نسبته إليه، وفيها ثلاثة أشياء: أحدها:

مجرد جواز نقله عنه.

والثاني: أنه إذا أراد أحد تقليده فيه جاز له ذلك، إذا كان ممن

يجوز له التقليد.

والثالث: إذا كان العلماء كلهم إلا الشافعي على مقتضى

حديث، والشافعي بخلافه لعدم اطلاعه، فإذا صح صارت المسألة إجماعية؛ لأنه لم يكن خالف فيها الشافعي، ويبين بالحديث أن قوله مرجوع فيه، أو لا حقيقة له، فلا ينسب إليه، بل ينسب إليه خلافه موافقة لبقية العلماء فيكون إجماعًا، فينقض قضاء القاضي بخلافه لمخالفته النص والإجماع.

ولو اتفق ذلك لغير الشافعي ممن لم يقل مثل قوله: كان نقض القاضي به لمخالفته النص فقط، لا لمخالفته الإجماع، فهذه أشياء في هذه الفائدة الواحدة.

الفائدة الثانية: أن الأحاديث الصحيحة ليس فيها شيء له معارض متفق عليه، والذي يقوله الأصوليون من أن خبر الواحد إذا عارضه خبر متواتر، أو قرآن، أو إجماع، أو عقل إنما هو فرض، وليس شيء من ذلك واقعًا، ومن ادعى ذلك فليبينه حتى نرد عليه.

وكذلك لا يوجد خبران صحيحان من أخبار الآحاد متعارضان بحيث لا يمكن

الجمع يينهما.

والشافعي قد استقرأ الأحاديث، وعرف أن الأمر كذلك، وصرح به في غير موضع من كلامه، فلم يكن عنده ما يتوقف عليه العمل بالحديث إلا صحته، فمتى صح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015