ورد الشافعي هذا الدليل؛ لأن الصحابة قد انتشروا في البلدان مع الفتوح، وحمل كل منهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - العلم الكثير ونشره في البلاد، فليس العلم بما كان الآخر من

أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، مقتصرا على أهل المدينة.

4 - ومن الأدلة المردودة في مذهب الشافعي: شرع من قبلنا:

فقد ذهب بعض العلماء إلى أننا متعبدون بما صح من شرائع من قبلنا، بطريق الوحي

إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بما في شرعهم، لا بطريق كتبهم المبدلة.

ولكن رد الشافعية هذا القول؛ لأن الإسلام قد نسخ كل الشرائع التي قبله، فلم يبق فيها حجة.

قول الشافعي إذا صح الحديت فهو مذهبي:

قال الشيخ تقي الدين السبكي في رسالته

" معنى قول الإمام المطلبي إذا صح الحديث فهو مذهبي ":

" هو قول مشهور عنه، لم يختلف الناس في أنه قاله، وروي عنه

معناه أيضًا بألفاظ مختلفة ".

ونَقَلَ عن ابن الصلاح - رحمه الله - أنه قال في كتاب الفتوى:

"ممن حكى عنه أنه أفتى بالحديث في مثل ذلك: أبو يعقوب البويطي، وأبو القاسم الداركي، وهو الذي قطع به أبو الحسن إلكيا الطبري، وليس هذا بالهين، فليس كل فقيه يسوغ له أن يستقل بالعمل

بما رآه حجة من الحديث.

ثم قال السبكي - رحمه الله -: " وأما قول ابن خزيمة: " إنه لا يعرف لرسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - سنة

في الحلال والحرام لم يودعها - يعني الشافعي - كتبه " فقد يكون أودعها كتبه، وفي بعضها لم يتبين له صحتها، فيتبين بعد ذلك، أو لا يكون في الحلال والحرام كما في الصلاة الوسطى، أو يكون سنة لم يعلمها ابن خزيمة، أو يكون الشافعي قال ذلك على سبيل الفرض والتقدير.

وأما ما قام الدليل عند الشافعي على طعن فيها، أو نسخها، أو تخصيصها، أو تأويلها، أو نحو ذلك، فليس الكلام فيه، وليس هذا تركًا لها، وإنما الترك للحديث أن لا يعمل به أصلًا، كما يقوله من يترك الحديث لعمل أهل المدينة، أو للقياس، أو لعدم فقه الراوي، أو لعمله، أو عمل صحابي بخلافه، ونحو ذلك، هذا هو الترك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015