حرب محلة في بغداد، وكـ: الزهري، والتميمي، وكـ: اليونيني، والبعلي، والصاغاني، والحراني، وأمثال ذلك، فيطلقون تلك الأسماء بلا تعظيم، وكانت هذه عادة المتقدمين.

ثم جاء من بعدهم، فأكثروا الغلو في الألقاب التي تقتضي التزكية والثناء، فقالوا:

علم الدين، ومحيي الدين، ومجد الدين، وشهاب الدين، إلى غير ذلك من الألقاب الضخمة، وعَمّ ذلك بلاد العرب والعجم.

ولم يرتضِ هذا غالب العلماء، فقد نقل في الفروع عن القاضي أبي يعلى أنه قال:

" وتكره التسمية بكل اسم فيه تفخيم، أو تعظيم "، واحتج بهذا على معنى التسمي ب " الملَك "، لقوله: (لَهُ الملك) ، وأجاب بأن اللَّه إنما ذكره إخبارًا عن الغير، وللتعريف، فإنه كان معروفًا عندهم به، ولأن " الملَك " من الأسماء المختصة، بخلاف " حاكم الحكام " و " قاضي القضاة "، لعدم التوقيف، وبخلاف " الأوحد "، فإنه

يكون في الخير والشر، ولأن الملَك هو: المستحِق للمُلْك، وحقيقته: إما التصرف التام، وإما التصرف الدائم، ولا يصحان إلا للَّه، وفي الصحيحين وأبي داود: " أخنا الأسماء يوم القيامة وأخبثه رجل كان سُمَّي ملك الأملاك، لا ملك إلا للَّه ".

وروى الإمام أحمد: " اشتد غضب اللَّه على رجل تسمى ملك الأملاك، لا ملك إلا للَّه ".

وأفتى أبو عبد اللَّه الصيمري الحنفي، وأبو الطيب الطبري الشافعي، والتميمي الحنبلي بالجواز، والماوردي الشافعي بعدمه،

وجزم به (يعني النووي الشافعي) في شرح مسلم.

قال ابن الجوزي في تاريخه: " قول الأكثر هو القياس، إذا أريد ملوك الدنيا، وقوله الماوردي أولى بالخير "، وأنكر بعض الحنابلة على بعضهم في الخطبة قوله: والملك العادل ابن أيوب، فاحتج القائل بقوله - صلى الله عليه وسلم -: " ولدت في زمن الملك العادل ".

وقد قال الحاكم في تاريخه: الحديث الذي روته العامة

" ولدت في زمن الملك العادل "

باطل ليس له أصل بإسناد صحيح ولا سقيم.

قال ابن بدران: أورد في الفروع هذه الحكاية مبهمة، وهي إنما كانت بين الشيخ أبي عمر المقدسي، فإنه هو الذي قال: " وانصر الملك العادل "، فرد عليه اليونيني، فاحتج أبو عمر بالحديث، فأنكره اليونيني ويين بطلانه،

قال في الفروع: " ولم يمنع جماعة التسمية بالملك ".

ومنع أبو عبد اللَّه القرطبي في كتابه " شرح الأسماء الحسنى " من النعوت التي

تقتضي التزكية، والثناء، كـ: زكي الدين، ومحيي الدين، وعلم الدين، وشبه ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015