درس، وحصل، وجمع، وأفتى، وشهد له العلماء، وانتشر صيته في سائر الآفاق، وضربت له أكباد الإبل لأخذ العلم عنه، وروى عنه الأئمة من أقرانه منهم: أبو حنيفة، والليث بن سعد، ومحمد بن الحسن، وغيرهم، وأجمع العلماء على إمامته وجلالته في الحديث، والفقه، وحسن الاستنباط، مع الورع، والتقوى، والتحري، والفهم.

فلقد اجتهد، واختار له مذهبًا بناه على أصول قوية، وقواعد متينة، انفرد بتأصيل بعضها كالعمل بالمصالح المرسلة، التي اتسع بها الفقه، ودار عليها كثير من مسائل

الاستنباط، وكـ " سَدِّ الذرائع "، ومراعاة الخلاف، وغيرها مما جعل مذهبه بين النص والرأي، قوي الدليل، سليم التعليل، وأصبح قول مالك كالنص لا يسأل سامعه من أين، ولا لم، حتى إن المتأخرين من علماء المالكية أخلوا كتبهم من ذكر أدلة الأحكام،

اعتمادًا على تسليم العلماء بفقه مالك، ولم يوجد لهم معارض في أحكامهم.

* * *

أسس المذهب المالكي:

الأدلة التي بنى مالك مذهبه عليها سبعة عشر.

وهى: نص الكتاب، وظاهره (أعنى العموم) ، ودليله (أعنى مفهوم المخالفة) ، ومفهومه (وهو المفهوم الأولوي) وشبهه،

وهو التنبيه على العلة، ومثل هذه الخمسة من السنة: أعنى نصها، وظاهرها، ودليلها، ومفهومها، وشبهها، ثم الإجماع، والقياس، وعمل أهل المدينة، وقول الصحابي والاستحسان، وسد الذرائع، والاستصحاب.

وأما مراعاة الخلاف فلا يعتبرها دائمًا، بل تارة وتارة، قاله العلامة ابن الحاج في حاشية المرشد وغيره.

* * *

رواة المذهب المالكي:

أخذ الناس عن مالك مذهبه، وانتشر في أكثر الأمصار الإسلامية: في مصر،

والعراق، والأندلس، والمغربين الأقصى والأوسط، وإفريقية كما انتشر في الشام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015