وعن الشافعي - رحمه الله - قال: ما في الأرض كتاب من العلم أكثر صوابًا من موطأ مالك.

قال العلماء: إنما قال الشافعي هذا قبل وجود صحيحي البخاري ومسلم، وهما أصح من الموطأ باتفاق العلماء.

وقيل لأحمد بن حنبل: الرجل يحب أن يحفظ حديث رجل بعينه.

قال: يحفظ حديث مالك.

قيل: فالرأي.

قال: رأى مالك.

وعن عبد الرحمن بن مهدى قال: كنا عند مالك فجاء رجل، فقال: يا أبا عبد اللَّه جئتك من مسيرة ستة أشهر حملني أهل بلدي مسألة أسألك عنها.

فقال: فسل.

فسأله، فقال: لا أحسن.

فقُطِعَ بالرجل، كأنه قد جاء إلى من يعلم كل شيء.

قال: وأي شيء أقول لأهل بلدي إذا رجعت إليهم، فقال؟ قل: قال لي مالك بن أنس لا أحسن.

وعن ابن وهب قال: قيل لأخت مالك: ما كان شغله في بيته.

قالت: المصحف والتلاوة.

وعن على بن المديني قال: لم يكن بالمدينة أعلم بمذهب تابعيهم من مالك بن أنس.

وعن شعبة قال: دخلت المدينة، ونافع حي، ولمالك حلقة.

وعن أبى مصعب أيضًا قال: كانوا يزدحمون على باب مالك بن أنس، فيقتتلون على الباب من الزحام، وكنا نكون عند مالك فلا يكلم هذا هذا، ولا يلتفت ذا إلى ذا، والناس قائلون برؤوسهم هكذا، وكانت السلاطين تهابه، وهم قائلون ومستمعون،

وكان يقول في المسألة: لا أو نعم، فلا يقال له: من أين قلتَ هذا.

أخذ مالك على تسعمائة شيخ، منهم ثلثمائة من التابعين، وستمائة من تابعيهم ممن اختاره، وارتضى دينه وفقهه، وقيامه بحق الرواية وشروطها، وخلصت الثقة به، وترك الرواية عن أهل دين وصلاح لا يعرفون الرواية.

وأحوال مالك - رحمه الله -، ومناقبه كثيرة مشهورة، توفي بالمدينة في صفر سنة تسع وسبعين ومائة.

ولقد كانت مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في عصر أتباع التابعين أغنى الأمصار الإسلامية بالسنة النبوية، ومعرفة القضاء النبوي، وآثار الصحابة، والتابعين، وفتاواهم، ومن هذه

المدينة الطيبة أشرقت شمس العلم، وظهر نجم السن إمامنا مالك بن أنس، فقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015