فهَبْ أنِّي دَعَوْتُكَ للتصافي ... على غيرِ المُعَتَّقَةِ الشَّمُولِ
وأبو العلاء وإن كان لا يُحْتَجُّ بشعرِهِ فإنَّهُ يُحْتَجُّ بعلمِهِ، لأنَّهُ كانَ إمامًا في اللغةِ نهايةً في الثِّقَةِ، وقَلَّ أن يخفَى عليه هذا القَدْرُ. وقد شَرَحَ شِعْرَهُ الأستاذُ أبو محمد بن السِّيد، وكان مُقَدَّمًا في الأعيانِ مَعْدُودًا من جملةِ أهلِ هذا الشَّأنِ. ولم يَقَعْ له اعتراضٌ على هذا البيتِ بل جَوَّزَه وقال، رحمه الله: معنى هَبْ: اجعَلْ، والعربُ تقولُ: وَهَبَنِي الله فداءَك (?)، أي: جعلني.
ولو (?) قالَ الحريري: إنّ استعمال (هَبْ) مع إلحاقِ الضميرِ المتصل به أكثر، كان أصوب.
فإنْ قالَ قائلٌ: إن استعمال أبي العلاءِ لهَبْ بغير ضمير مُتَّصِلٍ إنَّما ذلك على وجهِ الضرورةِ.
فالجوابُ أنَّه لا ضرورة هاهُنا، لأنَّه لو قال:
فهَبْني قَدْ دَعَوْتُكَ للتصافي (?)
لاتَّزَنَ البيتُ ولم تكنْ فيه ضَرُورَةٌ.
ويقولون: شيءٌ (مَنُوبَلٌ) (?). والصوابُ: نبيلٌ.