شمس الدِّين أَبو عبد الله محمد ابن قيم الجوزية، المتوفى سنة (751 هـ) - رحمه الله تعالى- تلميذه، وصاحب التصانيف المفيدة فكان لهذين الإمامين من المباحثات الدقيقة ما تقر به عيون الذين يؤثرون طاعة الله ورسوله، وطاعة أهل العلم والهدى على أهل التعصب والهوى ثم استمرت هذه المدرسة الأَثرية المباركة، تسير في كل ناحية، ويظهر لها في كل عصر عالم وداعية، حتى أَخذ ظِلُّ هذه المحنة يتقلص، وغشاوته تنجلي، وَآلت الدعوة إلى التقليد، والحَجْرِ على العقول، والصَّدِّ عن الدليل " في زاوية، يأباها الله ورسوله والمؤمنون، وَمَا يَسْكنُ إِليها إلَّا متجرئ على الِإثم، متحمل آثام من يقلده في بدعته.
هذه إِلماعة مختصرة عما كان عليه أمر الناس، وما حدث بعد من التمذهب، ثم انشقاقهم فيه إلى فريقين إلَّا بقايا من أهل العلم كانوا على ما كان عليه الأَئمة الأربعة- رحمهم الله تعالى- حتى عصر الخلفاء الأَربعة- رضي الله عنهم- اكتسبوا، لَقَب: " أَهل الحديث " هذا اللقب المنيف، الذي كان من قَبْلُ لِشُيُوْخ القرون المفضلة، ثم قيام ورثتهم في القرن الثامن الهجري بإِحياء مآثرهم، ودلالة الناس على مدرستهم، تترسم خُطى النبوة والرسالة، ومدارج الصحابة، وَقَفْوَ التابعين لهم بإحسان في الخُطُوَات الآتية:
أولا: أن الله- سبحانه- قد قَضَى، وحكم، وأمر، وألزم، وعهد إلينا: ألَّا نعبد إلَّا إيَّاه، وألاَّ نعبده إلا بما شرع، وهذا مقتضى الشهادتين.