وأَما الخصلة السابعة، وهي قوله: " إِمام في الورع " فصدق في قوله وبرع، فمن بعض ورعه:
قال أَبو عبد الله السمسار كانت لأم عبد الله بن أَحمد دار معنا في الدرب، يأخذ منها أَحمد درهمًا بحق ميراثه، فاحتاجت إلى نفقة لتصلحها، فأَصلحها ابنه عبد الله، فترك أَبو عبد الله أَحمد الدرهم الذي كان يأخذه، وقال: قد أَفسده علي.
قلت: إِنَّما تورع من أخذ حقه من الأجرة، خشية أَن يكون ابنه أَنفق على الدار مما يصل إليه من مال الخليفة.
ونهى ولديه وعمه عن أَخذ العطاء من مال الخليفة، فاعتذروا بالحاجة، فهجرهم شهرًا لأَخذ العطاء. ووصف له دهن اللوز في مرضه، قال حنبل: فلما جئناه به، قال: ما هذا؟ قلنا: دهن اللوز فأَبى أَن يذوقه وقال: الشّيرج. فلما ثقل واشتدت علته جئناه بدهن اللوز فلما تبين أَنه دهن اللوز كرهه ودفعه، فتركناه ولم نَعُد له. ووصف له في علته قَرعة تشوى ويؤخذ ماؤها، فلما جاءوا بالقرعة قال بعض من حضر اجعلوها في تَنور صالح، فإنهم قد خبزوا، فقال بيده: لا وأَبى أَن يوجه بها إلى منزل صالح، قال حنبل: ومثل هذا كثير
قال حنبل: وأخبرني أبي - يعني إسحاق عم أحمد - قال: لما وصلنا العسكر أنزلنا السلطان دارًا لإيتاخ ولم يعلم أبو عبد الله، فسأل بعد ذلك: لمن هذا الدار؟ فقالوا: هذه دار لإيتاخ، فقال: حولوني