سبق وذكرنا أن الشيخ أحمد بن الصديق كان قد قام بثورة ضد الإستعمار لتخليص المنطقة الخليفية والدفاع عنها، انتهت به إلى السجن مدة ثلاث سنوات ونصف قضاها في سجن "أزمور"، وتحمل خلالها من أنواع الإذايات والمضايقات مما لا يخفى على أحد.
ومنذ ذلك الوقت، والمحن تحدق بالشيخ من كل جهة، فتارة من الحزبيين، وتارة من الخائنين، الأمر الذي دفعه لهجران المغرب والتوجه للشرق وكان ذلك سنة (1377 هـ) فدخل الشام، ووجد من أهلها ترحابًا شديدًا، ثم توجه للسودان، حيث ألقى بعض المحاضرات، ومنها إلى القاهرة، وكان قد اشتد عليه المرض فأُلزم الفراش نحو ثمانية أشهر، إلى أن لبى داعِيَ ربه، وفاضت روحه يوم الأحد فاتح جمادى الثانية سنة (1380 هـ)، ودفن بمقابر الخفير رحمه اللَّه تعالى.
ما زلت بدرًا تضئ الكون مزدهرًا ... في اللحد نورك ينسيني سنا السرج
كَمُلْتَ فضلًا ونَقْصُ المرءِ مُفتَرضٌ ... فكان في العمرِ مجلَّي النقص والعرج
لو كنتَ تُفدي فَدتْك النفسُ يا سند ... الإسلام يا طيِّب الأنفاس والأرج
قد كان نعْيُكَ مأساةَ الأنام فهل منْ ... مُسلمٍ غيرَ محزونٍ ومنزعج (?)