وقد استفيد مما ذكر أن لكل من أئمة الحديث ومن أئمة الفقه اصطلاحا في الصحيح غير اصطلاح الآخر، وبذلك صرح الإمام ابن دقيق العيد في "الإمام شرح الإلمام" حيث قال ما نصه:

إن لكل من أئمة الحديث والفقه طريقا غير طريق الآخر، فإن الذي تقتضيه قواعد الأصول والفقه أن العمدة في تصحيح الحديث عدالة الراوي وجزمه بالرواية، ونظرهم يميل إلى اعتبار التجويز الذي يمكن معه صدق الراوي وعدم غلطه، فمتى حصل ذلك وجاز ألَّا يكون غلطا، وأمكن الجمع بين روايته ورواية من خالفه بوجه من الوجوه الجائزة لم يترك حديثه، وأما أهل الحديث فإنهم يروون الحديث من رواية الثقات العدول ثم تقوم لهم علل تمنعهم عن الحكم بصحته انتهى.

وقال الحافظ ابن حجر في نكته على ابن الصلاح:

وعلى المصنف -يعني ابن الصلاح- إشكال أشد منه، أي: من كلام الشافعي، وذلك أنه -يعني ابن الصلاح- يشترط في الصحيح ألَّا يكون شاذا كما تقدم، ويقول: إذا تعارض الوصل والإرسال قدم الوصل مطلقا، سواء كان رواة الإرسال أقل أو أكثر أو أحفظ أم لا، ويختار في تفسير الشاذ: أنه الذي يخالف راويه من هو أرجح منه، وإذا كان راوي الإرسال أحفظ ممن روى الوصل مع اشتراكهما في الثقة، فقد ثبت كون الوصل شاذا فكيف يحكم له بالصحة مع شرطه في الصحة ألَّا يكون شاذا؟ هذا في غاية الإشكال، ويمكن أن يجاب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015