قلت: في هذا أمران، أحدهما: ليس في الباب هؤلاء بل ولا واحد منهم، والشارح يهرف بما لا يعرف، وكأنه رأى الديلمى أو غيره ذكر ذلك فظن أن المراد أن كل هؤلاء رووا هذا الحديث، وليس الأمر كذلك، بل إن كان أحد من الحفاظ ذكر هؤلاء فغرضه أنهم كانوا يكتبون فيبدءون بأنفسهم.

ثانيهما: أغفل الشارح كون ابن الجوزى ذكر هذا الحديث في الموضوعات [3/ 81]، فأورده من عند العقيلى ثم من رواية محمد بن عبد الرحمن -القشيرى- وهو المقدسى عن مسعر بن كدام عن المقبرى عن أبي هريرة به، ثم نقل عن العقيلى أنه قال: محمد بن عبد الرحمن القشيرى مجهول بالنقل، وحديثه منكر ليس له أصل ولا يتابع عليه اهـ. وتعقبه المؤلف بوروده من وجه آخر من حديث أبي الدرداء عند الطبرانى في الأوسط [رقم 2347]، ومن حديث النعمان بن بشير عنده في الكبير وهو مختصر، وبفعل بعض الصحابة، كالعلاء بن الحضرمى مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وابن عمر مع أبيه، وأبي عبيدة بن الجراح، وخالد بن الوليد مع عمر بن الخطاب أيضًا، ويقول سلمان الفارسى رضي اللَّه عنه: لم يكن أحد أعظم حرمة من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكان أصحابه إذا كتبوا إليه يكتبون: من فلان إلى محمد رسول اللَّه.

أخرجه البيهقى [10/ 130]، وذكر أسانيد هذه الآثار كلها في اللآلئ [2/ 292 - 291]، وقال في التعقبات بعد حكاية نقد ابن الجوزى:

قلت: له شاهد أخرجه أبو داود [5134، 5135] والحاكم وصححه [3/ 636، 4/ 273] عن العلاء الحضرمى أنه كان عامل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على البحرين، فكان إذا كتب إليه بدأ بنفسه اهـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015