وتابعهم ابن الطراوة, إلا أن الإعمال عنده أحسن، واستدلوا بمثل قول القائل:
وما إخال لدينا منك تنويل1
واشترط البصريون تنكير التمييز وذهب الكوفيون وتابعهم ابن الطراوة إلى أنه يجوز أن يكون معرفة؛ لمجيء ذلك في الشعر والنثر، مثل: "وطبتَ النفسَ يا قيس بن عمرو" وقول العرب: سفه زيد نفسه2. وذهب البصريون إلى أن "رب" حرف تقليل، وذهب الكوفيون وتابعهم ابن الطراوة، إلى أنها اسم مبني؛ لأنها في التقليل مثل "كم" في التكثير وهي اسم بالإجماع3. ومما اختاره من آراء الفارسي أن أبا في قولهم "لا أبا لك" مفردة جاءت على لغة القصر والمجرور باللام هو الخبر4، وأن "على" التي ذهب الجمهور إلى أنها حرف جر هي اسم معرب؛ لأنه لا يظهر فيها علامة البناء من شبه الحرف، إذ لا حرف في معناها5. وعلى ضوء من فكرة التضمين التي أطال ابن جني القول فيها وجّه مجيء استغفر متعدية إلى مفعول واحد في قولك: "استغفرت الله من الذنب" لتضمنها معنى استتبت6. وله آراء مختلفة تفرد بها مخالفا النحاة، من ذلك أن ضمير الشأن في مثل: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} و"إنه محمد مسافر" حرف وليس اسما7، وأن أيا في مثل قوله جل شأنه: {لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ} مبنية لاقتطاعها عن الإضافة، و"هم أشد" مبتدأ وخبر، والنحاة يجمعون على أن أيا إذا اقتُطعت عن الإضافة أُعربت8. ومما خالف فيه النحاة أن قعودا في مثل "قعد قعودا" ليست مفعولا مطلقا، وإنما هي مفعول به لفعل محذوف لا يجوز إظهاره9، وأن جواب لولا في مثل: "لولا علي لسافرت" هو خبر المبتدأ التالي لها10. وكان يذهب إلى أن عسى ليست من النواسخ11.
ويكثر في عصر الموحدين النحاة الذين عُنُوا بشرح كتاب سيبويه