لا يجوز حذف المفاعيل الثلاثة في باب أعلم لغير دليل1. وكان يذهب مذهب السيرافي البصري في أن "غير" في مثل: "قام القوم غير علي" منصوبة على التشبيه بظرف المكان2. وذهب مذهب أبي علي الفارسي في أن ناصب المفعول معه في مثل: "قمت وطلوعَ الشمس" هو الفعل معدى إليه بواسطة الواو3. وكان يأخذ برأي ابن جني في أن "إذ" في مثل: "فبينما العسر إذ دارت مياسيرُ" ظرف عامله الفعل التالي له، وعامل بينما محذوف يفسره الفعل المذكور4. وذهب كثير من النحاة إلى أن المخصوص في مثل: "نعم الرجل محمد" يجوز أن يكون خبرا ومبتدؤه محذوف، وحتم أن يكون المخصوص مبتدأ وما قبله خبرا، ويقول ابن هشام: إنه ظاهر قول سيبويه5. ومما خالف فيه سابقيه من النحاة ذهابه إلى أن لام المستغاث لأجله في مثل: "يا لزيد لعمرو" متعلقة باسم محذوف تقديره: مدعوًّا لعمرو، وكان ابن جني يذهب إلى أنها متعلقة مع مجرورها بيا6. وكان يذهب إلى أن المضارع في مثل: "الهندان هما تفعلان" يجوز فيه التذكير والتأنيث, أو بعبارة أخرى: أن يبدأ بالتاء أو الياء حملا على اللفظ أو المعنى7.

أما ابن8 الطراوة فهو سليمان بن محمد بن الطراوة, المتوفى سنة 528هـ, وهو نحوي مدينة المرية وتلميذ الأعلم الشنتمري، كان علما في العربية لعصره وتجوَّل في مدن الأندلس معلما يقبل عليه الطلاب من كل فج، ومن مصنفاته في النحو المقدمات على كتاب سيبويه. ويبدو أنه كان يقابله كثيرا على كتب الكوفيين والبغداديين منحازا إليهما، أو بعبارة أدق: متوسعا في الاختيار من آرائهما. ومما اختاره من مذهب الكوفيين أن المعرفة أصل والنكرة فرع، وكان سيبويه والجمهور يذهبون إلى العكس9. وذهب البصريون إلى أنه إذا تصدرت في الجملة ظن وأخواتها لا يجوز إلغاء عملها بدون موجب للإلغاء، وجوز ذلك الكوفيون والأخفش

طور بواسطة نورين ميديا © 2015