الكوفي والبصري، بل يشكلها أيضا أنه كان يجتهد وينفرد بآراء لم يسبق إليها، من ذلك أن سيبويه وجمهور البصريين كانوا يذهبون إلى أن العامل في المعطوف هو العامل في المعطوف عليه, فمثل: كلمت محمدا وعليا انتصب محمد وعلي جميعا بكلمت. وذهب ابن السراج إلى أن حرف العطف هو العامل، أما أبو علي فرأى أن العامل في المعطوف فعل محذوف بعد أداة العطف؛ لأن الأصل في مثل: كلمت محمد وعليا: كلمت محمدا وكلمت عليا، فحُذف الفعل بعد الواو لدلالة الأول عليه، بدليل أنه يجوز إظهاره1. وكان سيبويه يذهب إلى أن ناصب المنادى فعل محذوف تقديره: أنادي أو أدعو، وذهب المبرد إلى أن ناصبه حرف النداء يا وأخواتها لنيابتها عن الفعل، وذهب أبو علي الفارسي إلى أن أدوات النداء ليست حروفا وإنما هي أسماء أفعال2، وأن المنادى مشبه بالمفعول به3. ومر بنا في غير هذا الموضع اختلاف النحاة في إعراب الأسماء الخمسة، فقد كان سيبويه يرى أنها معربة بحركات مقدرة في الحروف، وقال الكوفيون: إنها معربة بالحركات على ما قبل حروف العلة، ووافقهم المازني إلا أنه قال: إن تلك الحروف ناشئة عن إشباع الحركات، وقال قطرب من البصريين وهشام من الكوفيين: إن حروف العلة نابت عن الحركات، وقال الجرمي: انقلاب تلك الحروف هو الإعراب، وذهب أبو علي الفارسي إلى أنها حروف إعراب دالة عليه4. وكان سيبويه والجمهور يذهبون إلى أن الأفعال الخمسة ترفع بالنون وتنصب وتجزم بحذفها، وقال الأخفش: هي معربة بحركات مقدرة على ما قبل الألف في مثل يكتبان, والواو في مثل يكتبون, والياء في مثل تكتبين، وقيل: إعراب هذه الأفعال بالألف والواو والنون، وقال أبو علي: هي معربة ولا يوجد بها حرف إعراب، لا النون لأنها تسقط في النصب من الجزم ولا الألف والواو والياء لأنها ليست في آخرها، ولأنها ضمائر متصلة بها5. وكان سيبويه يذهب إلى أن "حتى" يتعين نصب المضارع بعدها إذا وليت فعلا غير موجب مثل: "ما سرت حتى أدخل