عطف البيان ومتبوعه قد يكونان نكرتين، وقد استدلوا بمثل قوله جل شأنه: {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ} وقوله: {مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ} وكان البصريون يؤولون مثل ذلك على أنه بدل ذاهبين إلى أن عطف البيان ينبغي أن يكون دائما معرفة1. وذهب البصريون إلى أن لو شرطية دائما، بينما ذهب الفراء -وتابعه أبو علي- إلى أنها قد تكون حرفا مصدريا بمنزلة أنْ إلا أنها لا تنصب، وأكثر وقوع ذلك بعد ود ويود مثل: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ} و {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ} وقال البصريون: إنها في مثل ذلك شرطية وإن مفعول {يَوَدُّ} وجواب {لَوْ} محذوف، والتقدير: يود أحدهم التعمير لو يعمر ألف سنة لسره ذلك. ويقول ابن هشام: لا خفاء بما في هذا التقدير من التكلف2. وكان يجيز -مثل الكوفيين- إعمال الضمير العائد على المصدر في الظرف مثل: "قيامك أمسِ حسن وهو اليوم قبيح" فهو عنده تعمل في اليوم عمل المصدر العائدة عليه3. وتابعهم في أن "أو" تأتي للإضراب مطلقا بدون اشتراط تقدم نفي أو نهي كما اشترط سيبويه، محتجا بقول جرير:
ماذا ترى في عيال قد برمت بهم ... لم أُحْصِ عدتهم إلا بعداد؟
كانوا ثمانين أو زادوا ثمانية ... لولا رجاؤك قد قتلت أولادي4
ومما تابعهم فيه أن الباء الجارَّة قد تأتي بمعنى التبعيض مثل قوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} , وقوله: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} 5. وكان سيبويه يذهب إلى أن خلا إذا تقدمتها ما كانت فعلا، وذهب الكسائي وتبعه أبو علي الفارسي، إلى أنها قد تكون حرف جر وما زائدة6.
وليس كل ما يشكِّل بغدادية أبي علي أنه كان ينتخب لنفسه من المذهبين