الزجاجي1:
هو أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق، من أهل الصيمرة الواقعة بين ديار الجبل وديار خوزستان، نشأ بنهاوند جنوبي همذان، وانتقل إلى بغداد ينهل من حلقات العلماء، ولزم الزجاج البصري وقرأ عليه النحو، ومنه لزمه لقبه الزجاجي. ورحل إلى الشام فأقام بحلب مدة، ثم تركها إلى دمشق واتخذها دار مقام له، وأكب على تصانيفه فيها وإملاءاته للطلاب، وحدث أن خرج إلى طبرية، فمات بها سنة 337 للهجرة، وقيل: بل سنة 340. وقد خلّف مصنفات كثيرة نشر منها أماليه الوسطى مع تعليقات للشنقيطي وهي تزخر باللغة والأخبار ومجالس العلماء, وهي تحكي محاورات لطائفة كبيرة منهم أكثرها في مسائل لغوية ونحوية. ونشر له أيضا كتاب الإيضاح في علل النحو، وكتاب الجمل وهو مختصر في قواعد النحو نال شهرة مدوية في العصور الوسطى، إذ عكف عليه العلماء بالدرس والشرح حتى قالوا: إن شروحه زادت عن مائة وعشرين شرحا.
وقد استقصى في كتابه الإيضاح علل النحو البصري والكوفي، ونص كما مر بنا آنفا على أن الذين حرروا العلل الكوفية هم ابن الأنباري وأوائل البغداديين: ابن كيسان وابن شقير وابن الخياط، وأضاف أن له في ذلك نصيبا إذ قال: "وأكثر ما أذكره من احتجاجات الكوفيين إنما أعبر عنه بألفاظ البصريين"2 فهم الذين نهجوا التعبير عن العلل وذللوه ومهدوه. وكان أكثر علم الكوفيين عند الكسائي وثعلب بدون علل، حتى جاء ابن كيسان وخالِفوه، فاستعاروا من البصريين لغتهم وطريقتهم في الاحتجاج وغمسوا فيهما النحو الكوفي.
ومن يقرأ الكتاب يرى الفلسفة والمنطق وعلم الكلام والفقه, أو بعبارة أدق: عللها جميعا