الشرط ضارعت كي، فلزمت المستقبل وعملت عملها1.
وواضح ما في هذا الرأي من ضعف في التعليل، وعقله من هذه الناحية لم يكن مثل عقل الفراء والكسائي، فقد كان يهبط عنهما درجات، ويتضح ذلك في كثير من آرائه وتعليلاته، كرأيه في أن المضارع مرفوع بنفس المضارعة2 وكأنه مرفوع بنفسه. ومر أن سيبويه كان يذهب إلى أن الألف والواو والياء في المثنى وجمع المذكر السالم هي حروف الإعراب نابت عن حركات الرفع والنصب والجر, وأن الأخفش ذهب إلى أن إعرابهما إنما هو بحركات مقدرة على ما قبل هذه الحروف، وذهب الجرمي إلى أن انقلاب الألف في المثنى والواو في الجمع ياء مع النصب والجر هو الإعراب, أما ثعلب فذهب إلى أن الألف في المثنى بدل من ضمتي زيد وزيد, وأن الواو بدل من الضمات الثلاث في زيد وزيد وزيد وهو توجيه بعيد. ولاحظ الزجاجي ما فيه من بعد، فقال معترضا عليه: "يلزم ثعلبا أن يقال له: كيف صارت الألف بدلا من ضمتين وليست الضمة من حيز الألف ولا تجانسها؟ وإذا كانت الواو في الزيدون بدلا من ثلاث ضمات، فكيف يجمع إذا جمع مائة نفس؟ هل تصير عنده بدلا من مائة ضمة؟ وكذلك إلى ما زاد"3. وكان الكسائي والفراء وهشام يقولون: "الاسم أخف من الفعل؛ لأن الاسم يستتر في الفعل، والفعل لا يستتر في الاسم" وحاول أن يأتي بعلة أخرى لهذه الخفة، فقال: "الأسماء أخف من الأفعال؛ لأن الأسماء جوامد لا تتصرف والأفعال تتصرف, فهي أثقل منها"4. ومعروف أن من الأسماء ما يتصرف وهو المشتقات، ونفس التعليل ليس متجها؛ لأن المعقول أن يكون المتصرف أخف، ولذلك تصرف وتحرك في صور مختلفة. وكان القدماء يلاحظون هذا الجانب فيه وأن تعليلاته ضعيفة، مع تمثله الواسع للنحو الكوفي, ومع روايته الضخمة للغة وشوارد صيغها وألفاظها، فقالوا عنه: إنه كان يقول: "قال الفراء: وقال الكسائي: فإذا سُئل عن الحجة والحقيقة لم يأت بشيء"5.