إنه معك، وأنت حينئذ تقر بطرح الاستفهام وحده، وتجيب على مثل: أليس معك كتاب؟ ببلى, أي: إنه معك كتاب وكأنها خُصصت للرجوع عن الجحد، ولو أنك قلت: نعم في هذه الحالة لكان معنى ذلك أنه ليس معك كتاب؛ لأن نعم تفيد الإقرار في الجواب بما بعد الاستفهام وبعده الجحود, وهو عكس الجواب, وقد سمى لا النافية للجنس باسم التبرئة مرارا1.
وكان يكثر من تسمية الجر باسم الخفض مقتديا بالفراء، وكان يطلق الخفض أيضا على الكسر الذي يقع في آخر الأفعال المجزومة عندما تتحرك لالتقاء الساكنين في مثل: لم يذهب الرجل2. ودارت على لسانه كلمتا ما يجري, وما لا يجري في مقابل كلمتي مصروف, وممنوع من الصرف3.
وتوسع في اصطلاح الصفة الذي مر بنا عند الفراء, فقد كان يطلقها على الظرف، وكان يسميه الفراء المحل بينما كان يجعل الصفة خاصة بالجار والمجرور، أما ثعلب فكان يطلقها عليهما، يقول في تعليقه على الآية الكريمة: {كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} : "وقعت الصفة في موضع الفعل"4 يريد: وقع الجار والمجرور متقدما على الخبر, ويقول: "وإذا أفردوا الصفة رفع "مثل": زيد خلف، وزيد قدام، وزيد فوق"5 وكلها ظروف.
وكان يسمي التمييز باسم التفسير6، وسمى البدل ترجمة، يقول تعليقا على الآية الكريمة: {فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ} : " {يَوْمَئِذٍ} مرافع "خبر" {فَذَلِكَ} ، و {يَوْمٌ عَسِيرٌ} ترجمة {يَوْمَئِذٍ} "7, وسمى الصفة نعتا8. ولعل في هذا كله ما يصور مدى استخدامه للمصطلحات التي وضعها الفراء، وإن كنا نلاحظ أنه لم يأخذ بوجهة نظره في أن المضارع المنصوب بعد الواو والفاء وأو نُصب بالصرف أو الخلاف، فقد كان يذهب إلى أنها جميعا تنصب المضارع لدلالتها على شرط؛ لأن معنى مثل: "هلا تزورني فأحدثك": إن تزرني أحدثك، فلما نابت عن