اتسع في بيان وجوه الإعراب الممكنة لها ولما يسوقه سيبويه من شواهد، وأيضا لبعض ما يجري في كلام سيبويه من ألفاظ، وتبدو الصورة الأخيرة واضحة منذ الخطوات الأولى في الشرح, إذ يقف عند لفظة "ما" في أول عنوان بالكتاب وهو "هذا باب علم ما الكلم من العربية" ويذكر لها خمسة عشر وجها من وجوه الإعراب. ونراه دائما يرد كل اعتراض يوجه إلى سيبويه في عباراته، فمن ذلك قوله في أوائل كتابه: "هذا باب مجاري أواخر الكلم من العربية" وهي عنده ثمانية مجارٍ, ويقصد بالمجاري حركات أواخر الكلم، واعترض عليه بعض المتعقبين بأن الحركات تجري والمجاري لا تجري وإنما يُجْرَى فيهن، وأجاب السيرافي على هذا الاعتراض بجوابين؛ أولهما: أن أواخر الكلم تنتقل من حركة إلى حركة، فجعل سيبويه كل حركة مجرى لذلك وجمعها على مجارٍ، وثانيهما: أن مجرى في معنى جرى، فهو مصدر والمصادر قد تجمع. ولا يلبث السيرافي أن يورد اعتراض المازني على سيبويه، لعده حركات البناء، وهي الفتح والكسر والضم والوقف أو السكون, مجاري؛ لأن الحركات في أواخر المبنيات كالحركات في أوائلها، والجري إنما يكون لما يحدث في شيء مرة ثم يزول عنه، والمبني لا يزول عن بنائه، فكان ينبغي أن يقتصر سيبويه على أربعة مجارٍ، وهي حركات الإعراب من الرفع والنصب والجر والجزم ويترك الأربعة الأخرى الخاصة بالبناء. وأجاب السيرافي على هذا الاعتراض بأن أواخر الكلم هي مواضع التغيير، ومن هنا يجوز إطلاق كلمة "مجاري" على حركات البناء، وإن كان بعضا لازما1.

وكان السيرافي يتوسع في التعليل توسعا أسعفه فيه عقله الجدلي الخصب، فليس هنا شيء علله النحاة إلا وتذكر عللهم فيه، وتضاف إليها علل جديدة، وما لم يعللوه حاول جاهدا أن يجد له علة أو عللا تسنده, من ذلك أن نراه يعلل لعدم جر المضارع كما جر الاسم بسبع علل2، ويقف عند نصب جمع المذكر السالم بالياء دون الألف، ويذكر لذلك أربع علل، كما يذكر لعدم نصبه بالواو أربع علل أخرى، وأيضا فإنه يذكر لاختيار الألف دون الواو في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015