الْمُسْلِمِينَ. وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ. وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت / 33 - 35] .
في هذه الآيات توجيه حميد، ومنهج دعوة قويم.
فإن الداعي لا يخلو من مناوئين لدعوته. وأولئك المناوئون يكون لهم أنصار مؤيِّدون لهم قد غفلوا عن معرفة حقائق الأمور، وملابساتها. فهم يأتمرون بأوامر زعمائهم، ويقضون بقضائهم. فإن أخذ الداعية بكل سيئة تصدر عنهم، وأراد مقابلة السيئة بالسيئة أكفهرَّ وجه دعوته، وزين الشيطان حينئذٍ للطرفين وسائل الانتقام، والفتك بالآخر.
فيتضخم بذلك مجال الشرِّ، ويتّسع، ويضيق بالمقابل مجال الخير حَتَّى الاختناق.
ومحصّل هذا: خوف، وتشرد، وقتل، وفرقة.
ومنهج الإسلام، ومبادئه السامية: الإصلاح، والوئام، وإخراج النّاس من الظلمات إلى النور. وتحقيق ذلك يتطلب الصبر والأناة، والموعظة الحسنة، والصفح عن المسيء بجهالة. ومقابلتها بما أمكن من الإحسان، حَتَّى إذا اجتمع الصفح والإحسان، وبذل الاستطاعة فيه، كانت حسنة مضاعفة بإزاء سيئة، وهذه قضية قوله تعالى: {بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} والمداراة محثوث عليها ما لم تُؤد إلى ثلم دينٍ وإزراء بمروءة.
والحسنة والسيئة متفاوتتان في أنفسهما، فخذ بالحسنة الَّتِي هي أحسن من أختها إذا اعترضتك حسنتان فادفع بها السيئة الَّتِي ترد عليك من بعض أعدائك. ومثال ذلك:
رجل أساء إليك إساءة، فالحسنة أن تعفو عنه. والتي هي أحسن أن تحسن