قال ابن العربي:

هذا يدل على أنّ للمحقِّ أن يكفّ عن حقّ جائز يكون له إذا أدّى ذلك إلى ضرر يكون في الدين 1.

ويشبه ذلك حضور مجالس السفهاء، والتعقيب على تصرفاتهم، والتشنيع عليهم، ووعدهم، ووعيدهم بما جاء في الشريعة من أحكام على مثل أفعالهم.

فإن أحد السفهاء قد يفلت لسانه بكلمات تنال من المشرِّع، أو تنقص من قدر الإسلام أو المسلمين، وربما تعرّض الداعية نفسه إلى السخرية، والأذى المادي، والمعنوي. فالكف عن التنديد بصنيعهم مباشرة بالقول أو الفعل نوع من المداراة، والمسايرة اللتين تمتصان الكثير من غلوائهم، حَتَّى إذا عادت إليهم عقولهم بالتفكير المجرد في عواقب الأمور، استطاع حينئذٍ الموجهون توجيههم الوجهة الصحيحة.

ومحاولة توجيه النصيحة للفرد بعيدًا عن سماع الآخرين ومعرفتهم. فالنصيحة في الجماعة نوع من التوبيخ يأبى كثير من النّاس سماعه.

وقال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل/125] .

فقوله تعالى: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} قال الزمخشري: بالطريقة الَّتِي هي أحسن طرق المجادلة من الرفق، واللين من غير فظاظة، ولا تعنيف 2.

وقوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015