على الأذى، ولينًا في الخطاب، ووضوحًا في البيان، والتذكير، والوعد، والوعيد. حَتَّى إذا سُدَّت المنافذ في وجهه، واستحكم الهوى على عقل عدوه، وأظهر مقاومة شرسة، تركه وما أراد، فقد أعذر إلى الله، وبرئت ذمّته، وأقام الحجّة على عدوّه.

ولإبراهيم الخليل عليه السلام في دعوته إلى الله موقف آخر مع عدو من أعداء دعوته الَّذي سنَّ لنفسه قانونًا يقضي بوجوب إحاطته بكل امرأة توصف بالحسن والجمال تدخل أرض مملكته ليستأثر بها لنفسه.

وجاءه خبر (سارة) زوج إبراهيم عليه السلام، وكانت أجمل نساء الأرض. قيل له: لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلاّ لك. فأدرك الخليل عليه السلام أنّ الجبّار سيستدعيها إليه بالقهر، والجبروت، ولا طاقة له بردِّه، ومنعه عمّا أراد، فاتّفق مع زوجه أن تقول إذا سألوها عن صِلة القرابة بينهما أَنَّها أخته - وأراد بذلك أخوّة الإيمان - وفي ذلك تمويه على الكافر حَتَّى لا يقدم على قتله إذا عَلم أنّه زوجها، ليتخلّص منه، ويأمن شرَّ غيرته، ولكن ربّما حرص - الجبار - على استرضائه بوصفه أخًا لسارة طمعًا في زواجه منها عن طريق طلبها منه، ثمَّ يرجو مدافعته عنها.

وقيل: إنّ إبراهيم عليه السلام أراد دفع أعظم الضررين بارتكاب أخفّهما، وذلك أنّ اغتصاب الملك إياها واقع لا محالة، لكن إن علم أنّ لها زوجًا في الحياة حملته الغيرة على قتله وإعدامه، أو حبسه وإضراره، بخلاف ما إذا علم أنّ لها أخًا فإن الغيرة حينئذٍ تكون من قبل الأخ خاصة لا من قِبل الملك فلا يبالي به 1.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015