الأمم، والدول، أكابر، وأصاغر، حَتَّى لا يغترّ أحد بقوّته، أو جبروته، أو سلطانه.

وللقرآن أساليب مختلفة باختلاف المناسبات، والوقائع، فهناك ما يتطلّب الجدل بالتي هي أحسن لتأليف القلوب، وما يصاحب ذلك من آيات باهرات، تُبْهت الفاسق، وتكسر طوق المعاند، والمكابر، وتزيد المؤمن إيمانًا راسخًا.

كقوله تعالى في وصف موقف إبراهيم الخليل عليه السلام مع النمرود: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْءَاتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [البقرة / 258] .

فالقوة بالمنطق غلبت القوّة بالجدل المتفرع عن الباطل.

ويظهر ضعف موقف الماديين عند الجدال بالحجّة على شكل زمجرة، وزعيق، ووعد، ووعيد.

وللباطل جولات يظهر الحقّ بعدها سيفًا يبتر علائقه. وعند مجادلة الجبابرة من أهل الظلم، والبغي في ظلمهم، وبغيهم، وجبروتهم، تظهر الحكمة، والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن عند المؤمنين بوحدانية الله، وتظهر سِمة التعالي، والتطاول، والمكابرة عند الكافرين. ذلك لأنّ كلّ فريق ينطلق من قاعدته الَّتِي بنى عليها معتقده. فالمؤمن الراسخ الإيمان ذو قناعة تامة، واطمئنان قلبي لما سيؤول إليه أمره. والكافر فقد الحجّة السليمة فلجأ إلى القوّة، والأساس السليم يقوى على حمل صَرْحٍ سَليم. وما كان على جرفٍ هارٍ فإنّه ينهار.

والأنبياء والرسل من أكثر عباد الله المؤمنين حرصًا على هداية النّاس، ودعوتهم جميعًا إلى توحيد الله في العبادة. وتحذيرهم من كيد عدوهم الأوّل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015