لكن القصائد المولدية لم تكن كلها متشابهة، فربما نظم بعض الشعراء قصائد في مناسبة المولد النبوي، لكنهم لا يذكرون فيها المولد من قريب أو بعيد، ولا يمدحون فيها صاحب الأمر في وقتهم، ويقتصرون في قصائدهم تلك على المديح النبوي فقط، فتكون القصيدة مدحة نبوية خالصة، لكن اسم مولدية أتاها من نظمها بمناسبة المولد، أو لأن صاحبها أنشدها في احتفال المولد، وكان من مراحل احتفال المولد الأساسية إنشاد المدائح النبوية، دون أن يعني ذلك أن تكون خالصة للمولد النبوي، فيكفي أن يمدح الرسول صلّى الله عليه وسلّم صاحب المناسبة المحتفى بها.

فالمولد النبوي هو نوع من السيرة، يتناول مرحلة المولد والنشأة، وهو نوع من المدح والتمجيد، يعتني بمعجزات المرحلة الأولى من حياة الرسول الكريم، يختلط فيه الشعر بالنثر، ويقتصر على معنى واحد من معاني المديح النبوي، ولذلك يتشابه مع المديح النبوي ويفترق عنه.

أما القصائد التي نظمت في هذه المناسبة وسميت بالمولدية، فإنها قصائد مديح نبوي، تلتقي مع سواها من المدائح النبوية في كل شيء، وتفترق عنها بالتوسع في ذكر المولد، وفي مدح صاحب الأمر آنذاك، وبذلك يتقاطع المدح النبوي مع المولد النبوي ويفترق عنه، فما جاء في المولد النبوي هو قسم من المديح النبوي، ولا يسعنا أن نتجاهل بعض القصائد التي وردت فيها، لأنها تلتقي مع قصائد المديح النبوي في جوانب كثيرة، أهمها أنها جميعا تقال في تمجيد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومدحه.

من كل ذلك يتبين لنا أن المدح التقليدي للنبي الكريم يتشابه مع غيره، وأنه جاء بسبب رسوخ التقاليد الفنية في نفوس الشعراء، وهو لون من ألوان المديح النبوي، بدأه شعراء البعثة، الذين لم يكونوا يرمون من وراء مدحهم للنبي الكريم أن يكون هذا المدح متميزا، وفنا قائما بذاته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015