بواعث ازدهار المديح النبوي وانتشاره اتسعت المدائح النبوية في العصر المملوكي اتساعا كبيرا، وانتشرت بين الأدباء والعلماء، يتنافسون في نظمها، ويذهبون بها كل مذهب، ويسارعون إلى إنشادها في المجالس الخاصة والمحافل العامة، وفي المناسبات الدينية المختلفة التي كثرت في هذا العصر كثرة مفرطة.

وعدّ منشدو المدائح النبوية من أصحاب الشهرة، وصاروا يذكرون في كبار القوم، فابن إياس يقول في وفيات سنة (841 هـ) : «توفي ابن القرداح، المادح المنشد الواعظ، وكان فريد عصره في فن الموسيقا» (?) . ويقول في وفيات سنة (873 هـ) : «توفي الواعظ المادح المنشد عبد القادر بن محمد الوفائي، وكان ممن له ذكر وشهرة في فنه، وكان لا بأس به» (?) .

وصار للمنشد صفات ومؤهلات، عليه أن يتحلى بها ويحصّلها، ذكرها السبكي، فقال: «وينبغي أن يذكر من الأشعار ما هو واضح اللفظ، صحيح المعنى، مشتملا على مدائح سيدنا ومولانا وحبيبنا محمد صلّى الله عليه وسلّم» (?) .

وقد أولع الشعراء بفن المدائح النبوية في الأقطار العربية الإسلامية جميعها، وانشغلوا به، وقدموه ووضعوه في مقدمة فنون الشعر.

وإذا كان ظهور المدائح النبوية ظهورا مستقلا ذا شأن قد تمّ في المرحلة السابقة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015