والنشاط الفكري للأفراد والجماعات البشرية وكذلك قدراتها على التنظيم والبحث العلمي والعمل الاقتصادي والإنتاج الصناعي والزراعي وغيره، كله مرهون بسلامة العقل الإنساني من أي قصور أو فتور أو تخدير، فالإقبال على الحياة، والاحتكاك بالواقع لتغييره إلى الأفضل شيمة الإنسان المسلم السوي، فهو يعالج الواقع أو يتحاور معه بالعمل الجاد والخيال الإيجابي القائم على التصور الفعلي، أما الشخص السلبي فإنه يركن إلى الوهم والخيال، ويظن أن المخدر هو منقذه من مرارة الواقع مع أنه يسلمه إلى الخيال المريض.
والإسلام الذي يؤكد قيمة الإنسان الذي كرمه الله واستخلفه في الأرض، لا يتضمن مفهوماً غريباً كمفهوم التخليص المسيحي اليهودي، لأن الإسلام يعتبر حياة الإنسان على الأرض شيئاً إيجابياً، وينظر إلى الأمام من أجل تحقيق الإرادة الإلهية في المستقبل، والسعادة الحقيقية، وإن أقرب تعبير إسلامي عن العمل الناجح والتنمية السليمة هو الفلاح، فالإسلام يتحدث عن الأمة الإسلامية النشطة البناءة المسئولة الفعالة في التاريخ والتي هي بحق خير أمة أخرجت للناس في سعيها وأمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر.