بني تيمية، أن الغرارة وصلت بدمشق إلى ثلاثمائة، وبيع البيض كل خمسة بيضات بدرهم، واللحم رطل بخمسة وأكثر، والزيت رطل بستة أو سبعة.

وفيها في ذي الحجة، قيد الأمير شهاب الدين أحمد ابن الحاج مغلطاي القره سنقري، وحمل إلى دمشق، فسجن بالقلعة، وكان مشد الوقف بحلب، وحاجباً، وكان قبل هذه الحادثة، قد سعى في بعض القضاة، وقصد له إهانة بدار العدل، فسلم الله القاضي، وأصيب الساعي المذكور، وربما كان طلبه من مصر يوم سعيد في القاضي، ثم خلص بعد ذلك وأعيد إلى حلب، وصلح حاله.

وفيها توفي بدمشق ابن علوي، أوصى بثلاثين ألف درهم، تفرق صدقة، وبمائتي ألف وخمسين ألفاً تشترى بها أملاك وتوقف على البر، فاجتمع خلق من الحرافيش والضعفاء لتفريق الثلاثين ألفاً، ونهبوا خبزاً من قدام الخبازين، فقطع أرغون شاه نائب دمشق منهم أيدي خلق، وسمر خلقاً بسبب ذلك، فخرج منهم خلق من دمشق وتفرقوا ببلاد الشمال.

وفيها في ذي الحجة، ضرب نيرون - بالنون - نائب قلعة المسلمين، قاضيها برهان الدين إبراهيم بن محمد بن ممدود، واعتقله ظلماً وتجبراً، فبعد أيام قليلة طلب النائب إلى مصر معزولاً، ويغلب على ظني أنه طلب يوم تعرضه للقاضي، فسبحان رب الأرض والسماء الذي لا يمهل من استطال على العلماء. قلت:

قل لأهل الحياة مهما ... رمتم عزاً وطاعه

لا تهينوا أهل علم ... فإذا هم سم ساعه

وفيه في العشر الأوسط من آذار، وقع بحلب وبلادها ثلج عظيم، وتكرر، أغاث الله به البلاد، واطمأنت به قلوب العباد، وجاء عقيب غلاء أسعار، وقلة أمطار. قلت:

ثلج بآذار أم الكافور في ... مزاجه ولونه والمطعم

لولاه سالت بالغلاء دماؤنا ... من عادة الكافور إمساك الدم

وفيها جاءت ريح عظيمة قلعت أشجاراً كثيرة، وكانت مراكب للفرنج قد لججت للوثوب على سواحل المسلمين، فغرقت بهذه الريح، وكفى الله المؤمنين القتال. قلت:

قل للفرنج تأدبوا وتجنبوا ... فالريح جند نبينا اجماعا

إن قلعت في البر أشجاراً فكم ... في البحر يوماً شجرت أقلاعا

وفيها توفي الحاج إسماعيل بن عبد الرحمن العزازي بعزاز، كان له منزلة عند الطنبغا الحاجب نائب حلب، وبنى بعزاز مدرسة حسنة، وساق إليها القناة الحلوة، وانتفع الجامع وكثير من المساجد بهذه القناة، وله آثار حسنة غير ذلك، رحمه الله تعالى.

ثم دخلت سنة تسع وأربعين وسبعمائة.

وقراجا بن دلغادر التركماني وجمائعه قد شغبوا، واستطالوا ونهبوا، وتسمى بالملك القاهر، وأبان عن فجور وحمق ظاهر، ودلاه بغروره

طور بواسطة نورين ميديا © 2015